وجدة: الوالي الجامعي وسياسة إشكال القيام ووهم الإشكال والنتيجة صفرية

هبة زووم – محمد أمين
تناولت العلوم القديمة والحديثة مفهوم السياسة على أنه ثقافة وفِكر، ومَعرِفة وحِكمة ودهاء، ما يفرض على من نوى نية الولوج لفضاء السياسة أن يكون عارفا بها، و ذا فكرٍ ممتلئ بقواعد السياسة متشبعا بفنونها، بالبلاغة والفصاحة والحكمة والصبر، وآداب الكلام، وأن يتحلى بالحكمة والفطانة والدهاء، أن يكون عارفا بأصول الدبلوماسية السياسية بعيدا عن التعصب والتغلظ.
إن ما يجهله السواد الأعظم في جهة الشرق، هو ان المعرفة الجذرية للفكر السياسي قائمة على قواعد وما دمنا نتحدث عن التغيير بالجهة، فحتى الفساد تحول إلى أسلوب إدارة يهدد بأزمات وانسدادات بنيوية عميقة، إلى درجة لم تعد القوانين عائقًا أمام ممارسات المفسدين الذين شحذوا القوة والنفوذ لاقتناص أرباح إضافية، وصاروا قادرين على كبح وتوقيف القوانين المعادية لهم وإعادة تشكيلها بما يخدم مصالحهم، حتى وصلنا إلى فساد بالقانون وليس فسادًا بمخالفة القانون.
وإذا كان تحمُّل المواطنين لتكلفة هذا فساد عاملًا مساعدًا في استمراريته، فإن محاولة فهم الفساد وقدرته على الاستمرار لا يمكن أن تجد صداها إلا في البنية التشريعية المتسامحة مع المعتدين على جيوب المواطنين.
إن السياسة السليمة الهادفة الى الرقي بالمجتمع هي تلك الادارة العميقة والشاملة لشؤون المواطن، واشراكه في تدبير أموره، والسعي إلى النهوض بواقعه المعاش، لكن الإستحواذ على مالية الجهة، وفي أفضل الحالات بصمت من الوالي الجامعي.
لكن عندما يتشبّث بعض الزّعماء بمصالحهم ويرفضون العمل التشاركي في مجالسهم، وعندما يرفضون النّزول الى الشّارع ليُراعوا بأنفسهِم مشاعر اليأس التي تُسيطر على المواطن في سعيه لتحصيل قوت يومه، وعندما يتعنّت السّاسة وتتغوّل سطوتهم وسيطرتهم على حساب الفرد، وعندما يصنعون جدارا مُرعبا ومخيفا للوقوف في وجه كل من يخالفهم الرأي والمقولة، وعندما ينشغِلون بالصّراع على السّلطة، وعندما يصنَعون لأنفسهِم دروعا بشرية في صد الانتقاد والمخالفة، فليس من الغريبِ أن نعيش الحقد والكراهية والتعصبات القبلية، والغاء الآخر.
ولا شك ان التدقيق في الخارطة السّياسية الجديدة يترجم كل هذه الوقائع، التي سادت واقعنا اليوم، واختلاط الأمور الذي امسى فيه الصادق كاذبا والكاذب صادقا..، والنزيه منافقا والمنافق نزيها.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد