اتهامات لمنظومة التربية والتعليم بأسفي بالفساد ونقابة مخاريق تختار سياسة “التقلاز من تحت الجلابة”؟

هبة زووم – أسفي
في ظل استمرار تفاقم الأوضاع التربوية والإدارية والمالية بالمديرية الإقليمية للتعليم بأسفي، ما تزال تتصاعد الأصوات المطالبة بالمحاسبة والإصلاح والتغيير منذ أن عين على رأسها المدير الإقليمي الحالي محمد الحطاب خلفا للإطار نور الدين سيقال الذي كان مكلفا بتدبيرها، قبل أن يفتح منصب المدير الاقليمي للتعليم بأسفي للتباري.
وقد شارك في تلك المباراة التي أشرف عليها مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش أسفي كل من الأستاذ نور الدين سيقال مفتش المصالح المالية المكلف بتدبير المديرية، والأستاذة مريم زينون؛ رئيسة مصلحة الارتقاء بتدبير المؤسسات التعليمية بالأكاديمية الجهوية سوس ماسة، إلى جانب أطر أخرى وازنة، لكن ما أثار اندهاش الجميع هو عدم إسناد هذا المنصب إلى الأستاذ نور الدين سيقال كما جرت العادة في جهات أخرى (حيث غالبا ما يسند المنصب إلى المسؤول نفسه المكلف بتدبيره) بعدما نجح في تسيير المديرية على مدار سنة كاملة، ولم يسجل عليه أي خطأ تدبيري، وهو الذي تم تعيينه بعد أحداث الحوز مديرا مساعدا بذات الإقليم.
كما أنه كان من بين المترشحين الأكثر حظوظا؛ الأستاذة مريم زينون إحقاقا لتقلد المرأة لمناصب المسؤولية ولما أبانت عليه من كفاءة وجدية في منصبها الحالي كرئيسة مصلحة بالأكاديمية.
إلا أنه تمت تزكية السيد محمد الحطاب على رأس مديرية أسفي وهو حديث العهد بالمسؤولية، سواء في رئاسة مصلحة التخطيط لبضعة أشهر فقط، بعدما ظفر بها حين تنافس معه عليها مفتش في التخطيط، علما أن إطار السيد الحطاب ملحق إدارة واقتصاد بعدما غيره من أستاذ بالسلك الثانوي الإعدادي، ولم يكن أبدا خريج مركز التخطيط والتوجيه التربوي، ليجد نفسه بعدها في سرعة البرق متربعا على هرم مديرية عصفت بمنطق الكفاءة وكذا الأحقية المقرونة بمقاربة النوع، علما أن القانون المغربي يكرس مبدأ التوازن عند تقليد مناصب المسؤولية في الإدارات والمؤسسات بين الجنسين بموجب مرسوم صدر قبل أكثر من عقد، ورغم ذلك، لا يتعدى تقلّد المرأة لمناصب مسؤولة في المغرب نسبة 20 بالمائة.
ولتعاني مديرية أسفي ذات الخصوصية التي لا يمكن تسييرها بمنطق الصدفة والارتجال، ولتشهد منذئذ العديد من الاختلالات التربوية والإدارية والمالية، تطرقت إليها نقابات وجمعيات ومنابر إعلامية على مدار ثلاث سنوات عجاف.
مناسبة هذه الديباجة، تدوينات باتهامات خطيرة صادرة عن الكاتب الإقليمي لنقابة الجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل بأسفي، تطرق فيها إلى سلسلة من الاختلالات التي تعصف بالمديرية، المرتبطة بسوء تدبير الصفقات، وتأخير المراسلات، والعشوائية في اتخاذ القرارات، إلى جانب التمييز الصارخ في توزيع التجهيزات الأساسية على المدارس، متسائلا عما إذا كانت الوزارة على علم بكون المدارس الرائدة دون تجهيزات التي تبقى -على حد قوله- حكرا على أصحاب النفوذ، متسائلا بنبرة تزاوج بين الاتهام والتحريض، حين خاطب مدراء المؤسسات التعليمية بالإقليم: (أين أنتم يا رؤساء المؤسسات؟ أين مراسلاتكم؟ أين ميزانية المدرسة الرائدة؟)…
وعلاقة بسلسلة تدوينات المسؤول النقابي نفسه، أشار إلى أن تلك الممارسات ليست جديدة، بل هي جزء من نمط فساد مستشرٍ بمديرية أسفي وبعض مصالحها، وهو الفساد الذي سبق أن تطرقت إليه الجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي (FNE) بأسفي في العديد من بياناتها المفصلة والدقيقة.
وفي سياق متصل، كان الكاتب الإقليمي لذات النقابة umt بأسفي قد نشر تدوينة تعقيبًا على حادثة تسمم تلميذات بالقسم الداخلي بثانوية الخوارزمي التقنية، حيث أكد أن مسؤولية مراقبة جودة التغذية تقع على عاتق الشركة نائلة الصفقة وفق دفتر التحملات، مع عدم إعفاء المقتصد والحارس العام من تقديم تقرير في الموضوع.
إن هذا السيل الجارف من الاتهامات الخطيرة التي كالها الكاتب الإقليمي لنقابة umt ذات الصلة بالفساد بكل تلاوينه، والاختلالات التي شابت الصفقات والعشوائية في اتخاذ القرارات والهروب إلى الأمام… خاصة وأنه أكد توفره على “وثائق رسمية” على حد تصريحه، يطرح العديد من التساؤلات الحارقة على غرار:
– من أين حصل هذا المسؤول النقابي فوق العادة على تلك “الوثائق الرسمية” التي تدين المدير الإقليمي؟ هل تحصل عليها من رؤساء المصالح والمكاتب الذين يزعم أنهم معه في في جبة تنظيمه النقابي؟ وإذا كان الأمر كذلك، ألا يعتبر ذلك إفشاء للسر المهني يقتضي فتح تحقيق والمساءلة؟
– لماذا لم يختر الكاتب الإقليمي لغة البيانات والبلاغات المسؤولة عبر القنوات المعروفة في أبجديات العمل النقابي المسؤول والرصين، ولجأ إلى كيل اتهامات خطيرة جدا عبر مجموعة واتساب معنونة ب”فضاء الإدارة التربوية umt” وإن كانت تلك المجموعة تضم أرقام هواتف إداريين من مختلف المشارب النقابية والانتماءات السياسية؟
– فهل يعتبر علم الكاتب الإقليمي بالاختلالات الإدارية والمالية الخطيرة، والتي تشكل أركانا مادية لجرائم، وتوفره على “وثائق رسمية” تثبت ذلك، بمثابة تستر على جرائم؟ وبناء على ذلك، هل يمكن اعتباره قد وقع تحت طائلة عدم التبليغ عن جرائم يعلم بوقوعها، والتي يعاقب عليها القانون الجنائي في فصله 299 بالقول: “يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين وحدها، من علم بوقوع جناية أو الشروع فيها ولم يشعر بها السلطات فورا”.
– هل بلغ الكاتب الإقليمي السلطات المعنية فورا خاصة مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش أسفي بصفته الرئيس المباشر للمدير الاقليمي؟ وهل بلغ الجهات القضائية المعنية؟
– هل يعتبر أعضاء مجموعة الواتساب المطلعين على تلك التدوينات مساهمين هم كذلك في جريمة عدم التبليغ عن جناية طبقا للفصل 129 من القانون الجنائي؟
– ألا يمكن للنيابة العامة أن تتحرك من تلقاء نفسها، وبناء على الصلاحيات المخولة لها قانونا، أن تقوم بفتح تحقيق في شأن هذه الاتهامات الخطيرة؟
– كيف يمكن تفسير صمت المدير الإقليمي أمام هذه الاتهامات الجسيمة، وعدم تحريكه أي ساكن لنفيها عبر بيان حقيقة جاد ومسؤول؟ أليس اعترافا ضمنيا بصحة المنسوب إليه؟
– إذا كانت العديد من الإطارات النقابية والحقوقية والجمعوية وكذا المنابر الإعلامية قد تطرقت إلى خروقات كثيرة على المستويات التربوية والإدارية والمالية بمديرية الكوارث أسفي، فلماذا لم تتحرك الجهات المختصة لإيفاد لجن افتحاص وترتيب الجزاءات اللازمة تخليقا لهذا المرفق العمومي، وربطا للمسؤولية بالمحاسبة، وكذا حماية للحقوق المشروعة للمتعلمين، وخلق بيئة صحية للعمل بالنسبة للأطر التربوية والإدارية؟
أسئلة وأخرى عديدة في حاجة إلى إجابات شافية، بل في حاجة إلى قرارات حاسمة من لدن صناع قرار المنظومة مركزيا، بعدما استمر النزيف مدة طويلة، مما جعل الجميع يتساءل عن الجهة التي تحمي الفساد والمفسدين بالإقليم، في ضرب صارخ عرض الحائط بترسانة القوانين والمذكرات بل وحتى دستور البلاد.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد