الدارالبيضاء: بين جدية الوالي امهيدية وتهاون عمال عمالات المقاطعات ضاعت العاصمة الاقتصادية

هبة زووم – محمد خطاري
عندما وقف نيرون في شرفة قصره يتمتع برؤية روما وهي تحترق بكامل مجدها، كان يقف إلى جانبه مرافقه الفيلسوف رينون، فسأله نيرون كيف وجد منظر روما وهي تحترق، فقال له الفيلسوف: “إذا احترقت روما فسيأتي من يعيد بناءها من جديد، وربما أحسن مما كانت عليه، لكن الذي يحز في نفسي هو أنني أعلم أنك فرضت على شعبك تعلم شعر رديء فقتلت فيهم المعاني، وهيهات إذا ماتت المعاني في شعب أن يأتي من يحييها من جديد”.
تذكرت هذه الحكاية التاريخية وأنا أتأمل حال مدينة الدارالبيضاء اليوم، ففهمت أن ما وصلت إليه من الفوضى و”السيبة” بلغة السلف على مختلف المستويات مردها ما جاد به عنوان الفيلم التلفزيوني المصري “هي فوضى”، يعني أن مشكلتنا الحالية في مدينة الدارالبيضاء ليست اقتصادية ولا سياسية، وإنما بفعل العمال الذين لم يقدروا المسؤولية حق التقدير، ولم يكونوا سوى “خيال مأتة”، خان من وضعهم سوء الاختيار، ربما بسبب كونهم معينون بـ”المنطاد” ، على حساب الجدارة، فخان مرة أخرى من وضعهم سوء الاختيار.
ولعل أبلغ ما يلخص المعاني السالفة، ما قاله محمود درويش في إحدى قصائده الرائعة حول موت المدن وخلود المعاني: “نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل، وحبوب سنبلة تموت فتملأ الوادي سنابل”.
اليوم مدينة الدارالبيضاء تئن من وطأة الفساد وتسلط أصحابه، الوالي امهيدية الذي يتباكى اليوم على وضعية العاصمة الاقتصادية، الثابت أن حالة المد والجزر التي تعيش على إيقاعها السلطة بالدارالبيضاء (عمال عمالات المقاطعات) في تعاملها مع عينة محددة من ملفات الفساد، واستمرار إغماض العين عن الاختلالات التي تكشفها وسائل الإعلام الجادة، يعطي انطباعا بأن فتح هذه الملفات، وفي ظل الواقع الحالي سيبقى مجرد حلم بعيد المنال.
طبعا يستحيل اعتماد هذه المقاربة إن ظل الوالي امهيدية يعتمد على عمال يدورون في فلك “المصالح الشخصية”، بدل أن يشتغلوا بهاجس جر العاصمة الاقتصادية نحو الأجود ونحو الأرقى.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد