هبة زووم – الحسن العلوي
يستطيع المواطن المغبون أن يكتشف أن سيرك كليلة و دمنة لم يعد مقنعا بالمرة أن نبرر به التناقضات، ويصبح حجة عكسية تعود مرتدة لصدر صاحبها بعد فوات الأوان، لأن السحر انقلب على الساحر حتى جعله كالمتسول يتجول بين الأزقة والشوارع يطلب الصفح والغفران من أشخاص حملوه على منصة التتويج قبل أن يتخلى عنهم بمجرد انتقاله من قلعته الإنتخابية.
ما يقع هذه الأيام بالعرائش، ظاهرة تجاوزت معرفة الخوارزميات والألغوريثمات ومنطق الاحتمال الرياضي، إلى منطق تحكمه ماكينات انتخابية، أبانت في أكثر من مرة أنها قادرة على خلق الفارق، سواء بتوظيف أموالها أو بتوظيف مكرها السياسي أو عن طريق لوبي يدير ساسة المدينة من وراء الستار خدمة لأجنداته الاقتصادية والتجارية.
وفي هذا السياق، وفي بلاغ وصف بالقوي وغير مسبوق، خرج حزب العدالة والتنمية بإقليم العرائش ليشرح الوضعية التي أصبح يعيش على وقعها الإقليم بعد ثلاث سنوات مما سماها الحزب بـ”مهزلة” انتتخابات 8 شتنبر.
وأكد إخوان بنكيران، في بلاغهم، على التراجع البين في تدبير الشأن العام المحلي، خصوصا أمام المتابعات التي تتم على مستوى محكمة جرائم الأموال، سواء بمجلس إقليم العرائش الذي صار مجلسا للبروتوكول فقط، ودوراته العادية فارغة من أي ترافع حقيقي حول معاناة الساكنة، إضافة إلى تراجع وهزالة مجموعة من المشاريع المهيكلة، كالطرق الرابطة بين الجماعات والقناطر…/،- أو بباقي الجماعات الترابية التي صار دَيدَن بعض منتخبيها خدمة المصالح الشخصية والفئوية الحزبية الضيقة، كالمسالك الفلاحية التي أنجزتها وزارة الفلاحة بالجماعات المحظوظة انتخابويا.
وفي هذا السياق، عبرت الكتابة الإقليمية لحزب المصباح عن تأسفها لتأخر إعداد تصميميّ التهيئة لمدينتي العرائش والقصر الكبير، من طرف الوكالة الحضرية بالعرائش، وعدم إخراج المخطط التوجيهي للتهيئة العُمرانية لساحل الإقليم، مما يُبخس عمل المؤسسات المنتخبة، ويبث الشك في جدوى القوانين المنظمة للتعمير، كما ينعكس سلبا على تنظيم المجال الحضري، ويكرس مزيدا من الفوضى والعشوائية؛
كما عبر إخوان بنكيران عن عدم استيعابهم للتماطل الذي يعرفه تنزيل ملف النقل الحضري والنقل بين الجماعات، وتنويع عرض النقل بشكل عام، بعد الإعلان عن صفقة التدبير لما يزيد عن سنتين، في غياب أي توضيح من طرف مؤسسة التعاون والجماعات الترابية المعنية، الشيء الذي يؤزِّم وضعية سكان الإقليم في تيسير التنقل داخل المدينتين وبينهما وبالجماعات القروية؛
هذا، وعبرت الكتابة الإقليمية لحزب المصباح عن تخوفها من التدهور الخطير للوضع الصحي الذي يعيشه إقليم العرائش، في ظل تراجع نسبة التأطير من الأطباء والممرضين والتقنيين بالمستشفى الإقليمي لالة مريم، مستشفى القرب بالقصر الكبير وبالمراكز الصحية – جماعات دائرة مولاي عبد السلام بن مشيش لا تتوفر إلا على طبيب واحد ـ، وكذلك تأخر إصلاح مجموعة من المستوصفات بالقصر الكبير، وإقبار مشروع إحداث المستشفى الإقليمي الجديد، وكذا المركز الصحي بتجزئة المغرب الجديد، مما يضاعف من معاناة الساكنة، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة منهم.
كما أكد حزب العدالة والتنمية على عدم تفهمه لوضعية الماء الشروب بالإقليم رغم توفره على موارد مائية مهمة، من فرشة مائية، وسدود وادي المخازن، دار اخروفة، والخروب، فإن وضعية الماء الشروب تظل قائمة مع كل موسم صيفي، وخاصة بدائرة مولاي عبد السلام، دون تقديم أي تفسير أو إعلام أو اعتذار من لدن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، علما أن الحلول الترقيعية المعتمدة كل سنة لا تفي بالمطلوب، مما يُعد استهانة بسكان المنطقة، وتشجيعا على عدم الاستقرار بها.
واستمر إخوان بنكيران في تشريحهم للوضع المزري، الذي أصبح يعيش على وقعه إقليم العرائش، حيث عبروا عن استغرابهم من التراجع المستمر للوضعية الاجتماعية للفلاح بإقليم العرائش، – باعتباره قطبا فلاحيا وطنيا – رغم استفادة الإقليم من مخططي “المغرب الأخضر والجيل الأخضر”، بسبب غلاء المواد والأدوية الفلاحية، وعدم ضبط مسالك استيراد البذور وإنتاج الشتائل، وغياب المواكبة والمنهج التشاركي، مما يُنذر بالتوجه الكامل نحو المنتوجات الفلاحية ذات العائد الربحي السريع كالأفوكادو والفواكه الحمراء، أو كراء الأراضي الفلاحية لكبريات الشركات الفلاحية مما سيهدد الأمن الغذائي وينذر بارتفاع أسعار المنتوجات الفلاحية من جهة، والقضاء على الطبقة الوسطى الفلاحية الموعودة.
وأمام ما يحدث، دعت الكتابة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية الإدارات اللا ممركزة والسلطات المحلية، كل في اختصاصه، إلى إيلاء قضايا إقليم العرائش المكانة المعتبرة ارتكازا على المؤهلات الطبيعية والاقتصادية التي يزخر بها، في إطار مبدأ العدالة المجالية، إذ أن الإقليم هو ثالث الأقاليم ترتيبا من حيث عدد السكان بالجهة بعد إقليمي طنجة وتطوان، لدى وجب إعادة الاعتبار لهذا الإقليم في التحيين المقبل لبرنامج تنمية الجهة 2022ـ2027.
اليوم، يمكن القول أنه في عهد العامل بوعاصم ومعه عدد من منتخبي 8 شتنبر المتابعين قضائيا تبخّر الحلم مع ضياع فرصة لا أظن أنها ستتكرر.
وحين عدنا من غفوة الحلم وجدنا القطار قد فاتنا من جديد وازدادت قناعتنا بأن العامل بوعاصم العالمين لم يخطئ فقط، بل كان دون مستوى تطلعات واستشرافات قائد البلاد وبعده الاستراتيجي.
وبسبب هذا العامل الذي فشل في رسم خارطة انتخابات 8 شتنبر، فقد تعطلت اليوم مصالح الناس في إقليم بكامله، جرى كل هذا فقط لأن عدد من المنتخبين الفاشلين مدعومين “علانية” من طرف بعض رجال السلطة ومن طرف مسؤول ترابي كبير حظى بالثقة الملكية في المنطقة.
اليوم العرائش تندب حظها بعد بقاء العامل بوعاصم العالمين، فهل سيتعلم من مرحلته الأولى على رأس عمالة العرائش ويعيد الأمل لساكنة الإقليم أم أن ظل أخطاء محطة 8 شتنبر سيفعل فعله؟؟؟
![](https://www.hibazoom.com/static/uploads/2024/01/coverhibazoom-150x150.png)
تعليقات الزوار