هبة زووم – محمد خطاري
في مشهد يعكس اختلالات عميقة في الحوكمة المحلية، تحوّلت دورة فبراير 2025 لمجلس جماعة مكناس إلى مرآة تكشف تناقضات المشهد السياسي بالمدينة، حيث طغت الصراعات الشخصية وغياب الرؤية الموحدة على أولويات التنمية وهموم الساكنة.
رغم محاولات رئيس المجلس، عباس الومغاري، تجاوز حالة الجمود عبر تفعيل النقاش حول ملفات حيوية، إلا أن تعمُّد غياب عدد من المستشارين وتفشي خطاب التشاؤم حوَّلا الجلسات إلى فضاء للفراغ بدل الإنتاج.
لم تكن الغيابات المتكررة لبعض الأعضاء مجرد “احتجاجًا صامتًا”، بل تحوّلت إلى أداة لتعطيل المصادقة على مشاريع تمسُّ حياة المواطنين، كتحسين البنية التحتية وتأمين الخدمات الأساسية.
في المقابل، وجدت سردية “احتضار المدينة” رواجًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث روّجت بعض الأطراف لخطاب يائس يصف مكناس بـ”المدينة العالقة عند الكيلومتر 40″، دون تقديم بدائل أو حلول عملية، في خطوةٍ رأى مراقبون أنها تهدف إلى تسويق فشل الذات عبر تعميم اليأس.
أما ملف النقل العمومي، الذي كان يُفترض أن يكون محور نقاش جاد، فقد أُغلق بشكل مفاجئ بعد تدخل وزارة الداخلية لإدراجه ضمن “رؤية 2030″، ما حوَّله إلى ورقة مزايدات سياسية فارغة.
وفي سياق متصل، أثارت القرارات القضائية التي أسقطت عضوية عدد من المستشارين تساؤلات حول حدود استخدام القانون كأداة لـ”تصفية الخصوم” أو كآلية لفرض النزاهة.
ورغم أن هذه الخطوات قُدِّمت كجزء من تعزيز الشفافية، إلا أن الفراغ السياسي الناتج عنها زاد من تعقيد إدارة الشؤون المحلية.
في خضم هذا المشهد، انقسمت الساحة السياسية إلى تيارين: فريق يرفع شعارات التغيير لكنه يمارس سياسة التعطيل، وفريق آخر يحاول دفع عجلة التنمية وسط شحِّ الإمكانيات.
النتيجة كانت واضحة: شوارع لم تُعبَّد، ومشاريع تأخرت سنوات، ومواطنون فقدوا الثقة في قدرة المجلس على تحقيق الحد الأدنى من طموحاتهم.
اليوم، وبعد أن باتت التنمية مجرد شعار تُزيّن به الخطابات، تبرز الحاجة إلى مراجعة جذرية لآليات العمل السياسي بالمدينة، فمكناس، التي تُعتبر جوهرة تاريخية واقتصادية، لم تعد تحتمل مزيدًا من التجاذبات العقيمة.
الحل – بحسب خبراء – يبدأ بفرض غرامات على المتغيبين، وإشراك المجتمع المدني في صياغة رؤية تنموية عابرة للانقسامات، والانتقال من ثقافة “التنظير” إلى ثقافة “العمل الميداني”.
فهل تُدرك النخبة المحلية أن الوقت قد حان لتحويل الوعود إلى واقع، أم ستظل المدينة رهينة صراعات لا تنتهي؟

تعليقات الزوار