هبة زووم – محمد خطاري
أثار القرار الأخير لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، القاضي بإلغاء عدد من صفقات المناولة الخاصة بالحراسة والنظافة، ردود فعل قوية من النقابات والفاعلين السياسيين، وسط تحذيرات من تداعياته على آلاف العمال الذين يعتمدون على هذه الوظائف كمصدر رزق وحيد لهم ولأسرهم.
قرار يثير المخاوف بين العاملين في القطاع
في ظل هذا المستجد، أعلنت النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)، عن استعدادها لمراسلة وزير الصحة للتعبير عن مخاوفها إزاء هذا القرار، الذي ترى أنه يحمل في طياته جوانب إيجابية، لكنه ينطوي أيضًا على انعكاسات خطيرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.
وأوضحت لبنى نجيب، الكاتبة العامة للنقابة، في تصريحات صحفية، أن أحد الجوانب الإيجابية لهذا القرار يتمثل في احترام الحد الأدنى للأجور، غير أن الإشكال يكمن في بعض الشروط الجديدة لتوظيف حراس الأمن، التي قد تحول دون استمرار شريحة كبيرة منهم في مزاولة مهامهم.
وأضافت نجيب أن هذه الشروط تتطلب مستوى دراسيًا معينًا، وهو ما لا يتوفر عليه العديد من العاملين الحاليين، رغم أنهم راكموا سنوات من الخبرة تصل إلى أكثر من عشر سنوات في بعض الحالات.
وشددت على ضرورة اعتماد تكوين مستمر للحراس الحاليين بدل الاستغناء عنهم، محذرة من أن تنفيذ القرار بصيغته الحالية قد يهدد السلم الاجتماعي، خاصة مع تزايد أعداد العاملين في هذا القطاع.
وكشفت النقابة أنها توصلت بإحصائيات رسمية تؤكد أن عدد حراس الأمن الخاص على المستوى الوطني يناهز مليون شخص، مع إمكانية ارتفاع العدد إلى مليون ونصف، وهو ما يجعل أي قرار يتعلق بهذا القطاع ذا تأثير مباشر على آلاف الأسر المغربية.
اتهامات بمحاولة توجيه الصفقات لشركات بعينها
لم يقتصر الجدل حول هذا القرار على النقابات فقط، بل امتد ليشمل الساحة السياسية، حيث وجه عبد الله بوانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، انتقادات لاذعة لوزير الصحة عبر تدوينة نشرها على حسابه بـ”فيسبوك”.
واعتبر بوانو أن هذا القرار مدعوم من رئيس الحكومة، مشيرًا إلى أن الهدف الحقيقي منه هو تمكين شركات معينة من الفوز بصفقات المناولة الخاصة بالحراسة والنظافة داخل المؤسسات الصحية، وليس بالضرورة تحسين ظروف العمل أو الرفع من جودة الخدمات.
وأضاف أن إلغاء هذه الصفقات تم بطريقة وصفها بـ”الفجة”، حيث لم يتم احترام المساطر القانونية والإدارية المعمول بها، مما سيؤدي إلى إرباك سير العمل داخل المؤسسات الصحية، وحرمان المرضى والمرتفقين من خدمات حيوية كالحراسة والنظافة، التي تُعد جزءًا أساسيًا من المنظومة الصحية.
مراسلة مرتقبة ومطالب بتعديل القرار
في مواجهة هذه التطورات، تستعد النقابة الوطنية لأعوان الحراسة والنظافة إلى مراسلة رسمية لوزير الصحة لتنبيهه إلى التداعيات الخطيرة لهذا القرار، والمطالبة بإيجاد حلول بديلة تضمن حقوق العاملين واستمرارية الخدمات داخل المستشفيات.
وتقترح النقابة إدماج الحراس الحاليين في برامج تكوينية مستمرة وتأهيلهم لمواكبة المتطلبات الجديدة، بدل اللجوء إلى إقصائهم واستبدالهم بعناصر جديدة، الأمر الذي قد ينعكس سلبًا على استقرارهم الاجتماعي.
ويبقى التساؤل مطروحًا: هل ستأخذ وزارة الصحة هذه الملاحظات بعين الاعتبار، وتعيد النظر في بعض بنود القرار، أم أن الأمر سيمضي قدمًا رغم الاعتراضات النقابية والسياسية المتصاعدة؟
تعليقات الزوار