هبة زووم – الرباط
في واقعة تهدد ما تبقى من مصداقية المنظومة الجامعية المغربية، تفجرت فضيحة مدوية بكلية الحقوق التابعة لجامعة ابن زهر، وسط اتهامات خطيرة بتزوير وبيع شهادات عليا استفاد منها نافذون لتقلد مناصب حكومية وحساسة، ما أثار غضبًا داخل قبة البرلمان وطرح تساؤلات حارقة حول حدود الفساد الذي ينخر التعليم العالي بالمغرب.
البرلمانية حنان فطراس عن الفريق الاشتراكي، وفي مداخلة قوية خلال الجلسة الشهرية لمساءلة رئيس الحكومة، مساء الإثنين، لم تتردد في وصف ما يحدث بـ”الفساد الأخطر من المالي والإداري”، معتبرة أن ما يجري “يحطم خطط التنمية ويؤدي إلى انهيار المنظومة القيمية والعلمية”، في إشارة مباشرة إلى ما وصفته بـ”سقوط مدوٍ لمصداقية الشهادات الجامعية”.
الفضيحة التي أُثيرت علنًا في المؤسسة التشريعية، يتصدرها أستاذ للقانون الخاص ومنسق لماستر بذات الكلية، وقيادي بارز بحزب الاتحاد الدستوري، تُلاحقه اتهامات ببيع شهادات عليا لفائدة شخصيات وازنة استغلتها للوصول إلى مواقع القرار والسلطة.
وفي تصريح هو الأقرب إلى التحذير الأخلاقي، حذّرت فطراس من أن “شهادة مزورة مهدت لاعتلاء أشخاص مناصب عليا وحساسة”، مؤكدة أن “أصحاب الكفاءة الحقيقيين يُقصَون بينما يحصل المزورون على الألقاب والامتيازات”، في إشارة مباشرة إلى اختلال مبدأ تكافؤ الفرص، وعبث معايير الاستحقاق في الدولة.
واسترسلت قائلة: “نخشى أن تكون الجهة التي ستفصل في ملفات التزوير هي نفسها متورطة ضمن المستفيدين من الشهادات المزورة”، قبل أن تصف الوضع بـ”الفضيحة الأخلاقية بامتياز”، في انتقاد غير مسبوق لدوائر القرار وغياب المساءلة الرادعة.
ورغم أن الواقعة ترتبط في الظاهر بأستاذ جامعي وفضاء أكاديمي، إلا أن الفريق الاشتراكي حمّل المسؤولية الأكبر للذين يقررون داخل الجامعات المغربية، منتقدًا ما وصفه بـ”الفراغ القيمي لدى صناع القرار في التعليم العالي”، متسائلًا بمرارة: “عن أي تميز نتحدث؟”.
ويبدو أن ما فجرته هذه الفضيحة لا يمس فقط نزاهة شهادة، بل يطرح إشكالية أعمق حول غياب منظومة الحوكمة والرقابة داخل الجامعات المغربية، ويعيد إلى الواجهة تساؤلات حول استقلالية المؤسسات الأكاديمية وقدرتها على حماية شرف العلم من طمع السياسة وتسلل الريع.
في لحظة ختام مؤلمة، قالت فطراس في لهجة رمزية إن الفريق الاشتراكي “ما زال يحلم”، لكن “يخشى أن تصادر الحكومة حتى حقه في الحلم أو تفرض عليه إتاوات”، في تشبيه صارخ للوضع العام الذي بات فيه الحلم مشروعًا مؤدى عنه، والعلم سلعة لمن يدفع، لا لمن يجتهد.
ومع توالي المعطيات وتوسع دائرة الاتهامات، ينتظر الرأي العام فتح تحقيق قضائي شفاف في هذه القضية، يضع حدًا لأي تواطؤ محتمل، ويعيد الثقة في المؤسسات التعليمية المغربية التي يُفترض أن تكون الحصن الأخير للقيم والمعرفة والنزاهة.

تعليقات الزوار