فاجعة “تريبورتور” تعرّي فوضى السير في قلعة السراغنة: هل تتحرك السلطات قبل الكارثة القادمة؟

هبة زووم – قلعة السراغنة
لم تمض ساعات قليلة على تحذير فعاليات مدنية من فوضى السير والجولان في إقليم قلعة السراغنة، حتى هزّت الإقليم صباح اليوم الأحد 8 يونيو 2025 فاجعة مرورية جديدة، كشفت مجددًا حجم التسيب الذي ينخر قطاع النقل الطرقي.
ففي بلاغ رسمي صادر عن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بقلعة السراغنة، أعلن عن وقوع حادثة سير خطيرة على مستوى جماعة سور العز، التابعة لنفوذ درك سيدي إدريس، حيث انقلبت دراجة نارية ثلاثية العجلات (تريبورتور) كان على متنها 13 راكباً.
النتيجة كانت مأساوية: وفاة 7 أشخاص بينهم السائق في عين المكان، وإصابة 7 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
النيابة العامة سارعت إلى فتح تحقيق في الحادث، وأمرت بتتبع الوضع الصحي للجرحى ونقل الجثامين إلى المستشفى الإقليمي، في انتظار استكمال إجراءات الفحص والدفن.
اللافت أن هذه الفاجعة جاءت بعد يوم واحد فقط من مقال تحذيري نشرته هبة زووم تحت عنوان “بين عجز التدبير وصمت السلطات.. قلعة السراغنة تغرق في فوضى السير والجولان”، والذي نبه إلى أن شوارع المدينة والإقليم تحولت إلى حلبة مفتوحة للفوضى المرورية، مع غياب واضح للحد الأدنى من احترام قانون السير وضعف الرقابة.
فـ”التريبورتور” الذي تحول إلى ناقل جماعي في غياب تنظيم حقيقي، يجسد اليوم صورة من صور العبث. العشرات من هذه الدراجات تجوب الشوارع دون ضوابط، تنقل أعداداً تفوق قدرتها القانونية، وسط مشهد يعبّر عن فشل متراكم في تدبير قطاع النقل الطرقي.
ولا تتوقف مظاهر الفوضى عند “التريبورتور”. فالمشهد العام بقلعة السراغنة بات صادما: إشارات المرور مهملة، علامات التشوير متهالكة أو غير محترمة، تجاوزات خطيرة من جهة اليمين باتت سلوكاً يومياً، توقف عشوائي في الصف الثاني يخلق اختناقات قاتلة وعودة عربات الحمير والمواشي إلى قلب المدينة كأننا في مشهد من زمن آخر.
الأدهى أن بعض عناصر الأمن، وفق شهادات ساكنة محلية، تأقلموا مع هذا الوضع، في ظل غياب حملات زجرية حقيقية أو قرارات تنظيمية صارمة، أما السائقون، فبين من يطبق القانون على مضض، وبين من بات يرى في الفوضى القاعدة وليس الاستثناء.
الفاجعة الأخيرة تفتح سؤال المسؤولية على مصراعيه: من يحاسب من؟ وهل ستبقى دماء 7 قتلى مجرد رقم آخر في سجل الحوادث؟ وأين هي إرادة الإصلاح لدى الأجهزة المعنية، وفي مقدمتها السلطات الأمنية، المجلس الجماعي، والسلطات المحلية؟
المشهد الراهن يؤكد أن التعامل مع قلعة السراغنة كمدينة ذات طابع فلاحي لا يجب أن يكون ذريعة لتركها رهينة الفوضى، فسلامة المواطنين مسؤولية مشتركة، تتطلب تنظيم قطاع النقل العشوائي، ضبط استعمال الدراجات الثلاثية العجلات، مراقبة العربات المجرورة، وإطلاق حملات تحسيس وزجر تعيد الهيبة لقانون السير.
اليوم، لا تخفي ساكنة قلعة السراغنة تطلعها إلى مدينة آمنة، خالية من مظاهر العربات العشوائية التي تزاحم السيارات والمارة، هم يحلمون بفضاء حضري يليق بهم، بعيداً عن مشاهد الحمير والتريبورتورات التي باتت تهدد حياتهم.
فهل تتحرك السلطات بعد هذا الحادث المفجع؟ وهل تكسر حلقة التهاون واللامبالاة التي أوصلت الوضع إلى هذا الدرك؟ أم أننا بحاجة إلى فاجعة أكبر كي ندق ناقوس الخطر مجددًا؟
الرهان اليوم معقود على إرادة سياسية وإدارية جادة، لتجنب أن تتحول شوارع قلعة السراغنة إلى مقبرة مفتوحة للضحايا الأبرياء.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد