بين الإعفاء والاستدعاء.. الجامعي وشوراق ولاة خارج الخدمة وصمت الداخلية يغذي الارتباك
هبة زووم – محمد خطاري
ما يزال الغموض سيد الموقف في قضية والي جهة مراكش آسفي فريد شوراق ووالي جهة فاس مكناس معاذ الجامعي، وسط تناسل الأخبار وتضارب الروايات بشأن ما إذا كان المعنيان قد أُعفيا من مهامهما أم استُدعيا بشكل مؤقت لأسباب إدارية أو تدبيرية.
وبين هذا وذاك، تلتزم وزارة الداخلية صمتًا مطبقًا، يزيد من ارتباك المتابعين ويترك الرأي العام تحت رحمة التسريبات، والتأويلات، وتكهنات المنصات.
فمنذ عيد الأضحى وتناقل فيديو يوثق لعملية الذبح، تتداول وسائل إعلام ومواقع اجتماعية أخبارًا غير مؤكدة بشأن مغادرة الواليين لمنصبيهما، في سياق يربطه البعض بتقييمات داخلية لأداء المسؤولين الترابيين في قضية حساسة، لكن، في غياب أي بلاغ رسمي، تبقى كل هذه الأنباء بلا سند مؤسساتي واضح.
هذا الوضع يعيد إلى الأذهان السيناريو المربك الذي رافق عامل إقليم الحوز الذي تم الحديث عن إعفائه إثر حادثة سير “غامضة” ضواحي مراكش، في قضية تناقلتها أغلب المواقع الخبرية كواقعة مؤكدة، ليعود الرجل بعد أسابيع إلى مكتبه دون توضيح رسمي يشرح للرأي العام ماذا جرى فعلاً.
والأغرب من ذلك أن نفس المنابر التي نشرت خبر “إعفائه” بادرت بعد أسابيع إلى إعلان “عودته الميمونة”، مبررة الغياب بمرحلة “نقاهة”، وكأنها لم تكن من أوائل من تحدث عن “إعفاء رسمي” بناء على “مصادر مطلعة”.
هذا التناقض الصارخ يكشف هشاشة المشهد الإعلامي في التعامل مع قضايا المؤسسات السيادية، ويعيد طرح الأسئلة حول حدود الحق في الوصول إلى المعلومة، ومسؤولية الوزارة في قطع الطريق على الإشاعة.
في المقابل، تشدد وزارة الداخلية دائمًا على احترامها الصارم للمساطر القانونية والهيكلية في التعيينات والإعفاءات، غير أن واقع الحال يكشف عن فراغات مؤسساتية يصعب تبريرها أمام الرأي العام، خصوصا مع تعيين السيد عبد الله العلوي كعامل مدير التواصل بوزارة لفتيت.
فأين الوضوح والتواصل الذي تقتضيه الحكامة الجيدة؟ وأين مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة حين يغيب التفسير وتُترك المواقع الحساسة دون إشراف رسمي معلن؟
أكثر من ذلك، فإن استمرار الغموض حول مصير شوراق والجامعي يطرح سؤالًا عريضًا: من يدير اليوم مصالح الولايتين فعليًا؟ وهل نحن أمام “إعفاءات صامتة” تُدار خارج الأضواء، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون إعادة توزيع داخلي للمهام في انتظار تسوية لاحقة؟
في مشهد سياسي يتسم أصلاً بضعف الثقة وندرة الشفافية، لا يبدو أن التزام الصمت يمثل حلاً ولا يعبّر عن احترام للرأي العام. بل إنه يكرّس منطق الارتباك ويمنح الإشاعة سلطة لا تستحقها.
بلاغ بسيط من وزارة الداخلية كان كفيلاً بحسم الجدل، ووضع حدّ لتضارب الروايات، وتأكيد أن المؤسسة قائمة على تواصل مؤسساتي يحترم ذكاء المواطن وحقه في المعلومة.
في غياب هذا البلاغ، يبقى الجميع تحت وطأة السؤال: هل عاد الجامعي وشوراق إلى مكاتبهم؟ أم أن “الإعفاء المؤجل” سيُطبخ على نار باردة، حتى تهدأ الضجة ويطوي النسيان الملف كما جرت العادة؟