حزب “فوكس” الإسباني يعلن حربًا مفتوحة على المهاجرين: خطة لترحيل 8 ملايين شخص تثير الغضب والقلق

هبة زووم – متابعات
في سابقة خطيرة تعكس تصاعد الخطاب الشعبوي والعداء للمهاجرين داخل الساحة السياسية الإسبانية، أثار حزب “فوكس” اليميني المتطرف عاصفة من الانتقادات، بعد إعلان خطة غير مسبوقة تروم ترحيل ما يصل إلى 8 ملايين مهاجر وأبنائهم، بمن فيهم من وُلدوا على التراب الإسباني.
تحت عنوان دعائي مثير: “الحق في البقاء كأمة”, قدّمت روثيو دي مير، المتحدثة باسم الحزب، خلال ندوة صحفية، ما اعتبرته “رؤية قومية لاستعادة الهوية الإسبانية”، مؤكدة أن المهاجرين يشكلون “تهديدًا ديموغرافيًا” و”خطرًا على الاستقرار الاجتماعي”، في استنساخ صريح لأفكار متطرفة تُعرف في الأوساط الأوروبية بـ”نظرية الاستبدال الكبير”، وهي النظرية التي لطالما استُخدمت لتبرير سياسات التمييز والكراهية ضد الأجانب.
وفقًا لتصريحات دي مير، فإن الخطة التي يسعى الحزب إلى ترويجها تحت اسم “إعادة الهجرة”، ستُفعَّل ضد من “لا يتماشون مع القيم الثقافية الإسبانية”، دون تحديد واضح لهذه القيم أو آليات تقييم مدى “الانتماء”، ما يُبرز الطابع الفضفاض والخطير لهذه الدعوة التي توظف خطابًا إقصائيًا لا ينسجم مع القوانين الدولية ولا القيم الديمقراطية التي تقول إسبانيا إنها تتبناها.
توقيت هذه التصريحات ليس بريئًا، إذ تأتي في ظل حساسية متزايدة داخل المجتمع الإسباني تجاه قضايا الهوية والهجرة، وتستهدف بشكل واضح الجاليات الأكثر حضورًا وتأثيرًا، وعلى رأسها المغاربة، الذين يشكلون شريحة معتبرة من العمال والطلبة والمقيمين، ويمثلون رافدًا اقتصاديًا واجتماعيًا مهمًا في عدة مناطق.
ولا يخفى على المراقبين أن حزب “فوكس” لطالما تبنّى خطابًا عدائيًا تجاه المغرب والمغاربة، حيث سبق أن طالب بترحيلات جماعية، وإلغاء التجنيس، ورفض علني لأي تسوية قانونية لوضعية المهاجرين.
كما ارتبط اسم الحزب في مناسبات عديدة بتصريحات تمس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، مما يعمّق من الشكوك حول خلفياته الإيديولوجية وارتباطاته بمحاور معادية للمصالح المغربية في المنطقة.
ردود الفعل لم تتأخر، إذ سارعت منظمات حقوق الإنسان في إسبانيا وأوروبا إلى التنديد بهذه الخطة، واصفة إياها بأنها “دعوة للتطهير الديموغرافي المقنّع”، فيما عبّرت الجاليات المهاجرة عن قلقها العميق من انزلاق النقاش السياسي في البلاد نحو مسارات عنصرية ومعادية لحقوق الإنسان.
كما تساءل نشطاء حقوقيون عن موقف الحكومة المركزية الإسبانية من هذا التصعيد، مطالبين بضرورة التصدي لتطبيع خطاب الكراهية والتفرقة، في وقت تشهد فيه أوروبا تصاعدًا مقلقًا لموجات اليمين المتطرف.
محللون سياسيون اعتبروا أن “فوكس” يسعى إلى تعزيز حضوره السياسي عبر دغدغة مشاعر فئات ناقمة على السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وتوجيه الغضب الشعبي نحو “كبش فداء” جاهز، هو المهاجر.
غير أن الخطر الحقيقي يكمن في أن مثل هذه الخطابات، إذا لم يتم التصدي لها مؤسساتيًا، فإنها قد تنتقل من الشعارات إلى السياسات، مما يهدد بتقويض التعايش المدني وحقوق الأقليات.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستظل إسبانيا، بوصفها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، صامتة إزاء هذه الدعوات الفاشية؟ أم أن المؤسسات الديمقراطية ستقف في وجه هذا الانزلاق الخطير قبل فوات الأوان؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد