فؤاد السعدي
إذا كانت بعض الأقلام الصحفية متفوقة في أمر ما، فتفوقها يصب في كَيلِ أطنانٍ من التطبيل والتزمير لمؤسسة الإنحطاط والتفاهة والرداءة الإعلامية، وجعل أفعال أصحابها وأقوالهم ومبادراتهم ترقى إلى مصاف المفاخر والأمجاد التي يلهج بذِكرها اللسان في كل وقت وأوان.
تماما كما حدث مع من اعتبروا مبادرة توحيد الوفد الإعلامي من أجل الذهاب لتغطية كأس إفريقيا بالكوت ديفوار بالتجربة “غير المسبوقة” و”الرائعة” حتى قبل أن تبدأ، في واحدة من الصور الكثيرة التي تجسد المعنى الحقيقي للنفاق الصحفي، وفي غياب تام للضوابط الأخلاقية والمهنية التي تفرض الحياد والموضوعية، والابتعاد قدر الإمكان عن الخداع والغش والتملق، كلما كانت إمكانية متاحة للتقرب من جهات معينة للوصول إلى غايات محددة ولو على أكتاف زملاء في المهنة.
وهي مناسبة لنوجه سؤالا لهؤلاء “المطبلين”، على أية معايير اعتمدتم لإصدار مثل هذه الأحكام السطحية؟ أم هي فقط الرغبة في تزكية برنامج يندرج في سياق مشهد إعلامي وصحفي يروم التسفيه والابتذال والتسطيح والركض نحو تحقيق نسب مشاهدة عالية، ولو على حساب الذوق السليم، وأيضا على حساب المهمات الرئيسية المطلوبة من الإعلام في مثل هذه المناسبات، ومن ضمنها المساهمة في الارتقاء بالوعي الجمعوي. وهي الأشياء التي يجزم العارفون بخبايا قطاع الصحافة أنه من الصعب إن لم نقل من المستحيل بلوغوها في حضرة التفاهة والرداءة، لأن “علامة الدار على باب الدار”.
فالتجربة التي فرضت على بعض الأقلام الصحافية الخروج للتطبيل لها وعدم اخفاء رأسها في الرمل هي تعبير صارخ ومستفز بل وتوطيد صريح لأركان التفاهة في قطاع الصحافة الرياضية، وعنوانا لتسونامي الانحطاط الذي بدأ يعصف بهذا الجسم الذي كنا نعتقد إلى وقت قريب أنه محصن ضد كل رداءة وبؤس وعبث إلى أن خرجوا علينا بهذه المبادرة العجيبة، ونشهد بأم أعيننا زواج الإعلام بالتفاهة وبداية التعايش بينهما.
وهنا دعوني أتساءل، والأسئلة تولد بعضها بعضاً ومن رحمها تولد الحقائق: هل هذه التجربة ووسائلها أدوات تتحرك بذاتها أم هناك من يحركها ويلعب بخطوطها وخطِّها وخُططها؟ وأيضا: هل من يدفع كل هذه المصاريف الطائلة ينفقها لينقل إلينا الحقيقة فقط ويعلمنا الحياد في نقل الأخبار والأحداث فقط، أم أن هنالك أهدافاً خفية وراء هذه العملية؟ أتوقع أن الإجابة على هذه الأسئلة ومثيلاتها توضح لنا إن كان هنالك فعلاً إرادة حقيقية لإنقاذ قطاع الصحافة الرياضية من التشرذم، أم أنها أوهام سيقت للناس حتى يعتقدوا أنها تجربة أتت لتكريس المهنية وأخلاقيات العمل الإعلامي بكل أشكاله.
“شكون شكرك يا العروس؟ أمها أو خالتها أو الحزارة اللي قبالتها” مثل شعبي جميل جدا، يفهم معناه اليوم من خرجة أحد الصحفيين المعروف بمحاباته للتفاهة والتافهين، وهو يكيل المديح والثناء على مبادرة “توحيد الوفد الإعلامي” الجميع يعي جيدا خلفيات أصحابها سواء على المستوى الشخصي أو المهني. وأن الغاية ليس القطع مع ممارسات الماضي وما يعرفه قطاع الصحافة الرياضية في المغرب من تشرذم وتدشين مرحلة جديدة كما يتم الترويج لذلك، أو السعي لنكون فعلا صحافة البلد الرابع في كأس العالم، بل من أجل اللعب على وتر الحشد والأكثرية التمثيلية للتمكن من الاستفراد بالقسط الكبير من كعكة الدعم المالي المرصود لقطاع الصحافة والنشر.
وللحديث بقية
تعليقات الزوار