هبة زووم – أسفي
أصدر المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم بأسفي، يوم السبت 26 أكتوبر الجاري، بيانا استثنائيا بحسب متتبعين، يتضمن اتهامات خطيرة قد ترقى إلى حد تحريك النيابة العامة لمسطرة متابعات في حق مسؤولين بارزين بالمنظومة إقليميا وجهويا، بالنظر إلى الخروقات التي تسببوا فيها، خاصة تلك المرتبطة بالمال العام.
ويأتي هذا البيان في إطار متابعة نقابة FNE بأسفي عن كثب للوضع المأزوم، والتدبير الكارثي للشأن التعليمي بالإقليم، معتبرة أنه يأتي في سياق تتبعها لمجمل الخروقات الخطيرة والمتلاحقة على مدار سنوات عجاف من التسيير الارتجالي للمدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بأسفي، في ظل ما وصفته بصمت القبور لمدير الأكاديمية الجهوية بجهة مراكش أسفي، وهو ما جعلها تتوجه عبر بيانا رأسا إلى كل من النيابة العامة ومسؤولي الوزارة والمفتشية العامة وعموم الرأي العام الإقليمي والوطني.
هذا، وقد تم استهلال البيان باتهام الأكاديمية بغض الطرف في شأن واقعة سرقة مواد البناء في ظروف غامضة من ثانوية الفقيه الكانوني التأهيلية بأسفي، وعدم تحملها المسؤولية بهذا الخصوص، مما اعتبرته النقابة تواطؤا مفضوحا، وتسترا عن مرتكبي هذه الجريمة وعن المستفيدين من ريعها.
بخصوص الشق المالي، أكد البيان على أهمية إجراء فحص شامل لميزانية التكوينات وما يحوم حولها من شبهات استخدامها بشكل غير فعال، والتي ينبغي توجيهها لتطوير قدرات ومهارات الأطر التعليمية، مما يتعين معه اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين إدارة وتنظيم تلك الميزانية، خاصة وأن المديرية خصصت مبالغ مالية مهمة لخدمة المطعمة والاستقبال لفائدة المشاركين والمتدخلين في ملتقيات التكوين والتأطير تناهز (959585.00 درهم).
وعن فواتير غاز البوتان الموجه للأقسام الداخلية بالمؤسسات التعليمية، شدد البيان على أنها نقطة في غاية الأهمية والخطورة، على اعتبار أداء مديرية أسفي لتلك الفواتير بشكل جزافي دون الرجوع إلى المشرفين على تسيير الداخليات (المدير والمقتصد) لمعرفة عدد قنينات الغاز المستهلكة فعليا.
وعلاقة بنظام الإطعام المدرسي، اعتبرت النقابة أن تجاوزات عدة شابته على مدار الثلاث سنوات الأخيرة، مما فشل معه تدبير نظام المطعمة.
كما عرج البيان على غياب افتحاصات دورية لجمعيات دعم مدرسة النجاح، في ظل اختلالات بينة بالعديد من المؤسسات التعليمية بالإقليم.
أما عن الشق المتعلق بخروقات التدبير الإداري، فقد ذكر البيان العديد منها، كغياب تدابير واضحة المعالم ذات الصلة بالسكنيات الوظيفية والإدارية، بسبب عدم توزيعها بشكل منهجي وعادل في ظل العشوائية التي تطبع تدبيرها، والتي تلحق أضرارا بالحقوق المشروعة للأطر التعليمية في التباري على شغل المساكن الشاغرة منذ سنوات والتي تظل عرضة للتخريب.
إضافة إلى تدبير برامج؛ “مؤسسات التفتح” و”المدارس الرائدة” و”التعليم الأولي” بمنطق الزبونية والمحسوبية والولاءات النقابية، عوض اعتماد معايير الجودة والكفاءة والاستحقاق، مما ينعكس سلبا على مردودها الفعلي.
كما أشار ذات البيان إلى التجاوزات المعيبة المرتبطة بتدبير الفائض والخصاص في أطر التدريس الذي خضع لمنطق الريع والمحاباة، حيث تم ضرب عرض الحائط بالمذكرة الوزارية ذات الصلة.
أما عن إشكالية النقل المدرسي، فإن الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي-بأسفي أكدت عبر بيانها على ثبوت المسؤولية التقصيرية للمديرية لعدم توفرها على معطيات دقيقة في شأن عدد المستفيدين من النقل المدرسي بالإقليم، ومتوسط العدد بكل سيارة، مما يساهم في تفاقم أزمة متمدرسي/ات الوسط القروري بالخصوص، ويعرض حياتهم للخطر الداهم، كما هو الحال بالنسبة لحادثة السير الخطيرة بتاريخ 02 أكتوبر الجاري بنواحي الإقليم، والتي خلفت أزيد من 23 مصابا.
كما عرجت النقابة على ما اعتبرته تدبيرا عشوائيا لبرنامج “رياضة ودراسة” الذي لا يتمتع بخصوصية المسلك بسبب غياب تفعيل الشراكات المبرمة في هذا الشأن على أرض الواقع، إضافة إلى عدم استفادة تلاميذ ذات المسلك من نظام غذائي خاص.
وجدير بالذكر أن نقابة FNE بأسفي سبق لها عبر بيانات سابقة أن أماطت اللثام عن العديد من البؤر السوداء ساهمت في ما اعتبرته انتكاسة المنظومة إقليميا، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
– غياب رؤية استراتيجية وحنكة تدبيرية للنهوض بالقطاع إقليميا، على غرار ما اعتبرته بانعدام الشفافية في تدبير الميزانية وعدم نشر البرنامج التوقعي للصفقات العمومية، تطبيقا للمادة 14 من المرسوم رقم 2.12.349 بمثابة قانون الصفقات العمومية، والتي تنص على وجوب أن يكون البرنامج التوقعي متاحًا للجميع عبر بوابة الصفقات العمومية في بداية كل سنة مالية وقبل متم الثلاثة أشهر الأولى منها على أبعد تقدير، ضمانا للشفافية ومساهمة في تحقيق المنافسة العادلة وتعزيز مبدأ المساواة في فرص المشاركة. كما تعتبر ذات النقابة أنه يتعين توفير المعلومات اللازمة وفقًا للقوانين المعمول بها، وأن يتم تشكيل آليات رقابية تضمن متابعة ومراقبة استخدام الأموال بطريقة شفافة ومسؤولة.
– شبهة حالة التنافي لدى أشخاص وأقاربهم، منهم من ينتمي للمنظومة إقليميا، ومنهم من يشغل مهام بجمعيات ذات نفوذ ملتبس بالمديرية، يعقدون شراكات معها، ويستفيدون من برامج ممولة من المال العمومي.
– التعثر السافر الذي يعرفه تنفيذ برنامج “القضاء على البناء المفكك” لما يشكله من خطر محدق بصحة وسلامة الأساتذة والمتعلمين على حد سواء، بالنظر إلى مواده المتسببة في أنواع من السرطانات الناسفة.
– الظروف السلبية لإيواء التلاميذ المقيمين في القسم الداخلي بثانوية مولاي إسماعيل التأهيلية بسبب استغلال كل من قاعة المطالعة فيه، ومرقد دار الطالبة لأغراض لا علاقة لها بوظائفهما المنصوص عليها قانونا، مما قد يعرض الفتيات لأخطار التحرش والعنف الجنسي، خاصة في ظل غياب حارس عام بذات القسم، ناهيك عن كون مراقد الذكور فيه تعرف وضعية مزرية كارثية.
– الخصاص المهول في الأطر الإدارية والملحقين التربويين والمختصين الاجتماعيين خاصة بالمؤسسات التعليمية ذات القسم الداخلي، وتضم تلاميذ يتجاوز عددهم الألف، علما أن بعض مكاتب المديرية تضم فائضا لأشخاص دون اضطلاعهم بالمهام المنوطة بهم قانونا بالمؤسسات التعليمية دون سواها.
– ضياع حقوق التلاميذ خلال شهر شتنبر بسبب مشاركة أساتذتهم في الإحصاء العام للسكان والسكنى، وعدم اتخاذ المديرية لأي إجراء يحفظ للمتعلمين حقوقهم كاملة في الاستفادة من الزمن المدرسي، علما أنه في لقاء الدخول المدرسي مع المديرات والمديرين، أكد المدير الإقليمي بأنه سيعمل على تغيير البنية مؤقتا إلى حين التحاق الأساتذة، إلا أن شيئا من ذلك لم يتم، وبالتالي فإن التلاميذ قد تأكد ضياع حقهم الدستوري في الزمن المدرسي، كما ضاع حقهم في تكافؤ الفرص مع زملائهم بباقي المؤسسات التعليمية التي لم يشارك أساتذتها في الإحصاء، وكذا مع زملائهم بمؤسسات التعليم الخصوصية، وبناء عليه، اعتبرت FNE ادعاء دخول مدرسي ناجح لا علاقة له بالواقع، متساءلة عما إذا كان ناجحا بمثل هذه الانقطاعات؟ أم بالتكاليف التي لم تر النور إلا في نهاية شهر شتنبر؟ مذكرة أن العديد من المؤسسات عرفت خصاصا مهولا في الأساتذة خاصة بالأقسام الإشهادية، ومن ثمة، ترى أن التأخر على مستوى هذه العمليات سينعكس سلبا على فئة عريضة من المتعلمين.
– الصمت المطبق والتواطؤ الصارخ للمديرية أمام تعريض فئة المربيات والمربين لجشع جمعيات التعليم الأولي، وعدم تمكينهم من حقوقهم المشروعة، خاصة وأن العديد من تلك الجمعيات تابعة لمحظوظين ومحظوظات وأشخاص نافذين بالمديرية وأفراد عائلاتهم، في تجسيد صارخ لمبدأ التنافي.
– ضياع حقوق فئة المختصين التربويين في التسوية الإدارية طبقا لمنطوق المذكرة الوزارية رقم 323 الصادرة في 21 ماي 2024 ذات الصلة، حيث لم يتم ترسيم فوج 2022 كما هو الحال في باقي أقاليم الجهة.
– عدم اعتماد التفويج في العديد من المؤسسات التعليمية، خاصة منها تلك المتواجدة في الهوامش، ناهيك عن غياب محضرين وعدم توفر المختبرات على حد أدنى من الوسائل التطبيقية البيداغوجية.
– عدم تعميم المديرية ثقافة الاعتراف لفائدة أطرها (أساتذة، مدراء، حراس عامون، مقتصدون..) الذين يبذلون جهودا مضنية، باستثناء حفل انتقائي لفائدة ثلاثة رؤساء مكاتب، مما يعزز منطق الميز والإقصاء بمنطق نقابوي ضيق.
– تكليف حراس الأمن المدرسي بمهام خارج المهام المنوطة بهم، بما في ذلك تسلم واستلام وثائق المرتفقين بالعديد من المؤسسات التعليمية والمديرية الإقليمية، مما يترتب عنه إفشاء أسرار مهنية وشخصية.
– قريبات وأقارب بعض المسؤولين بالمديرية يتقاضون أجورهم ضمن شركات الحراسة والنظافة المتعاقد معها من طرف المديرية، دون قيامهم بأي عمل، مما يكرس ثقافة الريع والمحسوبية والزبونية.
– تماطل المديرية لأزيد من ثلاث سنوات في صرف التعويضات الخاصة ب: الدعم المؤدى عنه ومستحقات التصحيح والتنقل خلال الموسم الدراسي السابق، ومستحقات الساعات المضافة إلى جداول حصص الأساتذة بسبب الخصاص في المدرسين ببعض المؤسسات التعليمية.
– عدم تفعيل قرار وزير التربية الوطنية رقم 0714.20 الصادر بتاريخ 04/11/2020 والقرار رقم 064.22 الصادر بتاريخ 09/11/2022 في شأن تحديد وتدقيق مهام ملحقي الاقتصاد والادارة والملحقين التربويين والملحقين الاجتماعيين، والحرص على تكريس مبدأ التباري في اسناد مهمة رئيس مكتب بالمديرية الإقليمية وفق معيار الكفاءة، لا الزبونية والمحسوبية.
وحيث إن المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للتعليم -التوجه الديمقراطي- بأسفي اعتبر ما آل إليه الوضع التعليمي إقليميا من اندحار غير مسبوق لم يحرك ساكنا لدى مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة مراكش أسفي، فإنها عبر بيانها الأخير طالبت النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل وجدي في شأن جرائم الأموال المقترفة المشار إليها سابقا، كما جدد دعوته للمفتشية العامة من أجل إيفاد لجنتي افتحاص؛ إداري ومالي، والإفصاح عن نتائجهما مع ترتيب الجزاءات اللازمة في حق كل من تبث تورطه في أي انتهاك أو خرق للقانون.
كما أكدت الهيئة النقابية للشغيلة التعليمية بالإقليم ثبات مواقفه دفاعا عن المدرسة المغربية، وفي صلبها المصلحة الفضلى للأطر التربوية والإدارية والمتعلمين على حد سواء.
تعليقات الزوار