معارضة العدالة والتنمية بجماعة تطوان.. حضور باهت وأسئلة غائبة؟

هبة زووم – حسن لعشير
تشهد المعارضة داخل المجلس الجماعي لمدينة تطوان، بقيادة فريق العدالة والتنمية، حالة من الضعف وعدم الفاعلية، وفقًا لعدد من المتابعين للشأن المحلي.
فرغم الدور الحيوي الذي يُفترض أن تلعبه المعارضة في مراقبة تدبير المجلس وتقديم مقترحات بديلة، إلا أن أدائها الحالي لا يرقى إلى مستوى التحديات المطروحة.
هذا ما دفع العديد من المتابعين إلى وصفها بـ”المعارضة لايت”، في إشارة إلى غياب الجرأة والفاعلية في مساءلة المجلس المسير عن تدبير الشأن العام المحلي.
المطرح العمومي.. النقطة اليتيمة في أجندة المعارضة
في آخر دورة للمجلس الجماعي، طرحت الأستاذة نجاة حمرية، عضوة فريق العدالة والتنمية، نقطة وحيدة تتعلق بالمطرح العمومي للمدينة.
هذا المطرح، الذي تم نقله من منطقة اللوحة قرب تطوان إلى منطقة بونزال التابعة لجماعة صدينة، أثار جدلًا كبيرًا بسبب عدم التزام الشركة المكلفة بتدبيره بالبنود المتفق عليها في دفتر التحملات.
ورغم أهمية هذا الملف البيئي والخدماتي، إلا أن اقتصار المعارضة على نقطة واحدة فقط في ظل وجود عدة قضايا شائكة تهم المدينة وساكنتها، يثير التساؤلات حول مدى جدية فريق العدالة والتنمية في لعب دوره كمعارضة قوية ووازنة داخل المجلس.
فالأصل في العمل المعارض أن يكون شموليًا، يراقب مختلف الجوانب التدبيرية للجماعة، ويضغط من أجل تحسين الأداء الإداري والمالي، بدل الاكتفاء بملف واحد دون التطرق للملفات الأخرى ذات التأثير المباشر على حياة المواطنين.
أين الأسئلة الجوهرية؟
يرى عدد من الفعاليات المدنية والمتابعين للشأن المحلي أن معارضة العدالة والتنمية لم تمارس دورها في محاسبة المجلس من خلال طرح الأسئلة الحقيقية التي تهم تدبير الشأن العام المحلي، خاصة تلك المرتبطة بالمالية العامة والمشاريع المهيكلة للمدينة.
ومن بين الأسئلة التي كان من المفترض أن تثار داخل دورات المجلس: أين هو فائض ميزانية الجماعة؟ فهذا الفائض يعد مؤشرًا هامًا على قدرة المجلس المسير على تدبير موارده بشكل فعال، وغيابه أو ضعف حجمه يستوجب مساءلة دقيقة حول أوجه صرف ميزانية الجماعة.
كما أن هناك تساؤلًا محوريًا حول كيفية صرف الميزانية العامة المخصصة لتطوان؟ خاصة في ظل شكاوى متكررة من ضعف الخدمات الجماعية، وتأخر تنفيذ عدد من المشاريع التنموية. فهل يتم توظيف هذه الميزانية بشكل يخدم التنمية المحلية، أم أنها تعرف اختلالات في التوزيع والإنفاق؟
إضافة إلى ذلك، يبقى ملف المشاريع الجماعية من القضايا الأساسية التي تستدعي مراقبة دقيقة، حيث من الضروري طرح السؤال حول ما هي المشاريع التي تم إنجازها بالفعل؟ وما هي التي تعثرت ولم ترَ النور بعد؟
فالكثير من المشاريع التي يُعلن عنها خلال الحملات الانتخابية أو الدورات الجماعية تبقى حبرًا على ورق دون تنفيذ، وهو ما يستوجب تدخلًا قويًا من المعارضة لمطالبة المجلس بتقديم كشف حساب واضح حول مدى التزامه ببرامجه التنموية.
ولعل واحدًا من أكثر الأسئلة حساسية هو مدى وجود اختلالات في التدبير المالي والتسيير الإداري داخل الجماعة؟ فالكثير من المجالس الجماعية تعاني من سوء التدبير المالي، والإنفاق غير المبرر، والتوظيف العشوائي، وهي قضايا تتطلب دورًا رقابيًا صارمًا من طرف المعارضة، وهو الدور الذي يبدو غائبًا حاليًا في تطوان.
هل تعيد المعارضة ترتيب أوراقها؟
بعدما كان حزب العدالة والتنمية يقود تدبير جماعة تطوان خلال الولايتين السابقتين، يجد نفسه اليوم في موقع المعارضة، وهو ما كان يُنتظر منه أن يستغله في لعب دور رقابي قوي، مستفيدًا من تجربته السابقة في التسيير.
إلا أن الواقع يكشف عن أداء ضعيف، لا يرقى إلى مستوى معارضة فعالة قادرة على التأثير في القرارات الجماعية وكشف الاختلالات القائمة.
غياب المبادرة في طرح القضايا الجوهرية، وعدم القدرة على الضغط من أجل تحسين الأداء الجماعي، يجعل فريق العدالة والتنمية في وضع صعب أمام ساكنة تطوان التي تنتظر معارضة قادرة على تقديم بدائل حقيقية، وليس مجرد مراقب سلبي لما يجري داخل المجلس.
اليوم، أصبح فريق العدالة والتنمية في المجلس الجماعي أمام تحدٍّ كبير: هل سيواصل نهجه الحالي القائم على التدخلات المحتشمة، أم أنه سيعيد ترتيب أوراقه ليصبح قوة اقتراحية فاعلة تساهم في تصحيح المسار وتقديم بدائل حقيقية لسكان المدينة؟
أسئلة تبقى مفتوحة، في انتظار أن تتحول المعارضة من مجرد حضور باهت إلى طرف مؤثر داخل المجلس الجماعي، قادر على مساءلة الأغلبية المسيرة وكشف مكامن الخلل، بما يخدم مصلحة مدينة تطوان وساكنتها.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد