الدارالبيضاء: مجلس العمالة برئاسة بودراع بين مطرقة الانتقادات السريعة وسندان الإكراهات البنيوية
هبة زووم – إلياس الراشدي
تخضع العمليات الإصلاحية في المجتمعات المحلية لمعادلة معقدة تتداخل فيها الأبعاد الزمنية، الاقتصادية، والسيكولوجية، مما يجعل أي مشروع حضري عرضة للتأويلات والانتقادات السريعة، خصوصاً في بيئات تعاني من فجوة بين منطق الفعل المؤسسي وإيقاع التوقعات المجتمعية، حيث تصبح هذه الفجوة أكثر وضوحًا في بيئة مثل مدينة الدارالبيضاء التي تعاني من تعقيدات متعددة تتطلب حلولاً غير تقليدية.
مجلس عمالة الدارالبيضاء، بقيادة الرئيس الجديد عبد الرحيم بودراع، يُعد نموذجًا دقيقًا لهذه الديناميكية، حيث تميزت فترته، رغم قصرها، بموجات من الانتقادات الحادة والسريعة.
وفي كل مرة يتم الإعلان عن مشروع أو خطة، يبدو أن صبر المواطن قد استُنزف مسبقًا، مما يؤدي إلى إطلاق الأحكام قبل أن يكون للمشروع الفرصة لتقديم أية نتائج ملموسة.
هذا التسرع في التقييم يعود إلى تطلعات المواطنين الكبيرة التي تسبقه دائمًا، والتي غالبًا ما تتعارض مع البطء الحتمي لبعض الإجراءات الإصلاحية.
رئاسة بودراع لمجلس العمالة جاءت في وقتٍ كانت فيه التحديات كبيرة. ففضلاً عن المشاكل البنيوية التي تعاني منها المدينة، كانت طموحاته واضحة في إحداث تغييرات حقيقية في وقت قياسي.
وقد حرص على أن تكون خطواته ملموسة وواضحة للمواطنين، بعيدًا عن القرارات المكتبية المغلقة، مظهراً عزمه على مواجهة الصعوبات وتحقيق التغيير الذي طال انتظاره.
إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجهه بودراع، بالإضافة إلى انتقادات المجتمع، هو التنسيق الفعّال بين جميع الأطراف المعنية، لضمان تنفيذ المشاريع التنموية الضخمة التي تشهدها المدينة.
وفي هذا السياق، يلعب الوالي مهيدية دورًا محوريًا في دعم هذه الديناميكية. فمن خلال دعمه المستمر وتوفير الإمكانيات اللازمة، تمكن مهيدية من تذليل العقبات الإدارية التي كانت تعيق بعض المشاريع. هذا التنسيق بين السلطة المحلية ومجلس العمالة يعكس التعاون المؤسسي الذي يساعد على تحقيق التقدم المطلوب.
فالتحالف بين بودراع والوالي امهيدية يعكس تضافر الجهود الرسمية لتحقيق تنمية حقيقية للمدينة، ويتجسد هذا التعاون في تحقيق رؤية استراتيجية واحدة تهدف إلى دفع الدارالبيضاء نحو آفاق جديدة من التنمية المستدامة.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر لا يزال يكمن في تحويل هذه الجهود إلى إنجازات حقيقية على أرض الواقع، يتلمسها المواطن في حياته اليومية.
وفي ظل هذا التعاون المؤسسي، فإن الأمر يتطلب استمرار الدعم والإرادة السياسية لتحقيق الإصلاحات البنيوية التي تحتاجها المدينة، لكن تبقى الإكراهات البنيوية التي ترافق أي مشروع كبير، في غياب التجانس التام بين التوقعات المجتمعية والأداء المؤسسي، تحديًا صعبًا أمام مجلس العمالة في تحقيق ما يطمح إليه المواطنون.