هبة زووم – محمد خطاري
تعيش الأغلبية الحكومية في المغرب على وقع توترات متزايدة، بعد اندلاع مواجهة غير معلنة بين مكوناتها الثلاثة، بسبب ما أصبح يُعرف بـ”حرب القفف”، في إشارة إلى المساعدات الاجتماعية التي توزعها منظمة “جود”، المرتبطة بحزب التجمع الوطني للأحرار.
ويبدو أن حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال قد استشعرا خطر تمدد نفوذ “الأحرار” انتخابيًا عبر هذه المنظمة، ما دفعهما إلى التحرك لمواجهة ما يعتبرانه توظيفًا سياسياً للعمل الخيري.
البام والاستقلال.. استنفار ضد “جود”
لم يعد موقف حزب الأصالة والمعاصرة من منظمة “جود” مجرد ملاحظات جانبية، بل تحول إلى تحرك فعلي داخل هياكل الحزب، حيث عقد كبار منتخبيه اجتماعًا مغلقًا بجهة الرباط سلا القنيطرة، نهاية الأسبوع الماضي، لمناقشة تأثير المساعدات التي تقدمها المنظمة على التوازنات الانتخابية، خصوصًا مع اقتراب محطة 2026.
الاجتماع، الذي جمع شخصيات بارزة من الحزب، مثل كاتب الدولة في التشغيل هشام صابري، والقيادي العربي المحارشي، ورئيس مجلس الجهة رشيد العبدي، لم يكن مجرد لقاء تنظيمي كما ورد في الموقع الرسمي للحزب، بل كان فرصة لتدارس طرق الحد من التأثير السياسي لـ”جود”، التي باتت توزع مساعداتها بشكل يثير القلق لدى “الجرار”.
ولا يبدو حزب الاستقلال بعيدًا عن هذا التوجس، إذ بدأ هو الآخر في تفعيل حملته “تطوع”، التي انطلقت بتوزيع مساعدات خلال شهر رمضان، في محاولة للرد على النفوذ المتزايد لمنظمة “جود” في الأوساط الشعبية.
تحالف حكومي على صفيح ساخن
ما يزيد من حساسية الوضع، أن هذا التوتر لا يقتصر فقط على المستوى الحزبي، بل يهدد بتصدع التحالف الثلاثي المشكل للحكومة. فحزب الأصالة والمعاصرة، الذي يتبنى خطابًا يدعو إلى الديمقراطية الاجتماعية والعدالة في توزيع الثروة، يرى أن منظمة “جود” تمثل تهديدًا لمشروعه السياسي، خصوصًا أنها تُستخدم كذراع اجتماعي لحزب التجمع الوطني للأحرار.
أما حزب الاستقلال، الذي يخوض صراعًا خفيًا مع الأحرار على النفوذ داخل الحكومة، فقد بدأ يتحرك عبر قنواته الموازية، مستشعرًا أن استمرار هذه الديناميكية قد يؤثر على موقعه الانتخابي مستقبلاً.
سنة ملتهبة في أفق 2026
مع تصاعد حدة المواجهة، يبدو أن التحالف الحكومي مقبل على مرحلة غير مسبوقة من التوتر، قد تنعكس على الانسجام داخل الحكومة وتُترجم إلى خلافات أكثر وضوحًا في الأشهر المقبلة.
فحرب “القفف” ليست مجرد صراع حول المساعدات الاجتماعية، بل تعكس تنافسًا سياسيًا بين الأحزاب المشكلة للحكومة، حيث يسعى كل طرف إلى تأمين موقعه استعدادًا للاستحقاقات الانتخابية القادمة.
وفي ظل هذا الوضع، تبقى الأسئلة مفتوحة حول مدى قدرة هذا التحالف على الاستمرار في ظل خلافات تتزايد يومًا بعد يوم، وما إذا كانت سنة 2025 ستشهد مفاجآت تعيد رسم المشهد السياسي في المغرب، في ظل تنافس محتدم بين أخنوش وحليفيه في الحكومة.

تعليقات الزوار