هبة زووم – محمد خطاري
بينما ترفع الدولة المغربية شعار إصلاح الإدارة وتحديث المنظومة التربوية، تستمر إحدى الفئات الحيوية التي تسند ظهر المرفق العمومي – هيئة المتصرفين بقطاع التربية الوطنية – في معاناة الإقصاء والتهميش المهني والمادي.
في هذا السياق، خرجت اللجنة الوطنية لمتصرفي ومتصرفات قطاع التربية الوطنية، المنضوية تحت لواء الجامعة الوطنية للتعليم (التوجه الديمقراطي)، برسالة مفتوحة وجهتها إلى رئيس الحكومة، وعدد من الوزراء المعنيين، مطالبة بإنصاف فئة ظلت لعقود أسيرة التمييز، رغم دورها المحوري في تدبير السياسات العمومية التربوية.
صرخة فئة تمتهن التدبير وتنال التهميش
في رسالتها القوية، أبرزت اللجنة الدور الحيوي للمتصرفات والمتصرفين العاملين بالقطاع، سواء المنتمين للأطر المشتركة أو لهيئة متصرفي التربية الوطنية، معتبرة أن هذه الفئة تمثل العمود الفقري لكل عملية تأطير وتدبير ومراقبة داخل الوزارة، وعلى مختلف المستويات: مركزية وجهوية ومحلية.
ورغم هذه الأدوار الاستراتيجية، تفيد الرسالة أن المتصرفين ظلوا ضمن أكثر الفئات تضررًا من الحيف، محرومين من التعويضات التكميلية، والسنوات الاعتبارية، والترقيات العادلة، بل وحتى من حقوق أساسية كالتسوية المالية والمنح السنوية.
اختلالات صارخة و”قهقرة” ممنهجة
تكشف المعطيات المرفقة بالرسالة أن متصرفي التربية الوطنية اليوم هم الأدنى أجرًا داخل الوزارة مقارنة بزملائهم في قطاعات أخرى، بفوارق صادمة تراوح بين 3000 و5000 درهم.
وتشير الرسالة إلى أن النظام الأساسي الجديد، بدل أن يشكل رافعة لتحفيز هؤلاء الأطر، زاد من “قهقرتهم” المادية والإدارية عبر تقليص التعويضات النظامية، وفشل مسار الإدماج في إطار “متصرف التربية الوطنية”.
بل إن الحيف طال حتى مهامهم الأصلية، حيث تعرضت للقرصنة والإسناد إلى فئات أخرى، ما يناقض مبادئ التدبير الإداري الحديث القائم على التخصص والكفاءة، تقول اللجنة.
مقترحات للإنصاف قبل فوات الأوان
وفي سياق استعادة الحقوق، عرض المتصرفون حزمة مطالب دقيقة، تتجاوز تحسين الأجور إلى ضرورة إعادة هيكلة النظام الإداري بما يعيد الاعتبار لدور المتصرف.
وتتمثل أبرز المطالب في إقرار نظام أساسي محفز وعادل خاص بمتصرفي التربية الوطنية، تحقيق العدالة الأجرية عبر الرفع من قيمة التعويضات عن الأعباء والتدرج والتأطير، صرف تعويض تكميلي شهري ومنحة مالية سنوية تعادل آخر راتب خام، تسريع الترقيات ومنح أقدمية اعتبارية لتدارك سنوات الإقصاء المهني، تمكين المتصرفين من الولوج إلى مناصب المسؤولية ومهام التفتيش والتأطير، إدماج الحاصلين على الدكتوراه في إطار أستاذ باحث، تسهيل الحركية بين القطاعات الوزارية دون عراقيل بيروقراطية وتحصين إطار المتصرف من التلاشي وصون اختصاصاته الأصيلة.
أي مستقبل لإصلاح الإدارة دون إنصاف المتصرفين؟
تحذر الرسالة من أن استمرار تجاهل هذه المطالب لن يؤدي إلا إلى مزيد من الإحباط داخل الإدارة التربوية، وسيؤثر سلبًا على تنزيل البرامج الإصلاحية الطموحة التي تراهن عليها البلاد.
فلا يمكن، بحسب اللجنة، تصور إصلاح ناجح للمرفق العمومي دون الاعتراف الفعلي والعادل بمن يسهرون يوميًا على حسن تدبيره وتطوير أدائه.
واختتمت اللجنة الوطنية لمتصرفي ومتصرفات قطاع التربية الوطنية رسالتها بدعوة عاجلة لرئيس الحكومة والوزارات المعنية إلى تدارك الوضع، ومباشرة إصلاح عادل يضمن رد الاعتبار لهذه الفئة، إعمالًا لروح الدستور والتزامًا بميثاق الكرامة الوظيفية.

تعليقات الزوار