هبة زووم – محمد خطاري
في خطوة تعيد إلى الواجهة الجدل السياسي والدستوري حول أداء السلطة التنفيذية، أعلنت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية انخراطها رسميًا في ملتمس الرقابة الذي تستعد فرق المعارضة النيابية لتقديمه ضد حكومة عزيز أخنوش، في تطور نوعي يُنذر بمواجهة سياسية محتدمة تحت قبة البرلمان.
القرار، الذي جاء عقب أول اجتماع تنظيمي للأمانة العامة للمصباح بعد انعقاد المؤتمر الوطني التاسع للحزب بمدينة بوزنيقة، وصفته قيادة الحزب بأنه “تمرين ديمقراطي حيوي” يروم إعادة تحريك النقاش السياسي الوطني الذي اعتراه الجمود، ووضع الحكومة أمام مسؤولياتها الدستورية والسياسية، في ظل ما اعتبرته “إخلالًا خطيرًا ببرنامجها الحكومي وتفاقم الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمغاربة”.
تهم ثقيلة… وتشريعات معطلة
واتهم حزب العدالة والتنمية الحكومة بتعطيل وسحب عدد من مشاريع القوانين المرتبطة بمحاربة الفساد وترسيخ الحكامة الجيدة، فضلاً عن التهرب الممنهج لرئيسها من المساءلة البرلمانية.
كما انتقد تمرير قوانين استراتيجية تتعلق بالحريات والحقوق بمنطق “أغلبي وأحادي وإقصائي”، ناهيك عن استفحال مظاهر تضارب المصالح واستغلال النفوذ داخل مؤسسات الدولة، بحسب تعبيره.
وذهب البلاغ الحزبي إلى حد الإشارة إلى “تهرب” مكونات الأغلبية من الانخراط في لجنة لتقصي الحقائق بشأن ما وصفها بـ”الاختلالات الخطيرة” التي شابت عملية دعم استيراد المواشي، في سياق أزمة ارتفاع الأسعار التي أثقلت كاهل الأسر المغربية خلال الشهور الأخيرة.
إسقاط الحكومة.. السيناريو الدستوري الممكن والمستبعد
دستور 2011، وتحديدًا الفصل 105، يتيح للنواب معارضة مواصلة الحكومة في تحمل مسؤوليتها عبر ملتمس رقابة يُودع لدى رئيس مجلس النواب، شريطة أن يُوقّعه خمس أعضاء المجلس على الأقل.
وتتم مناقشة الملتمس في أجل أقصاه سبعة أيام، ولا يُعرض للتصويت إلا بعد مرور ثلاثة أيام على الأقل من إيداعه. ولا يُعتبر المصادقة عليه صحيحة إلا إذا وافق عليه الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب.
ووفق النظام الداخلي للمجلس، لا يحق لأي نائب أو نائبة التوقيع على أكثر من ملتمس رقابة واحد في الوقت نفسه، ولا يجوز تعديل الملتمس أو سحب توقيع بعد إيداعه.
وفي حالة المصادقة، تُعد الحكومة مستقيلة بحكم الدستور، ولا يمكن التقدم بملتمس رقابة جديد خلال سنة كاملة.
معركة محسومة رقمياً.. لكنها مشحونة سياسياً
ورغم أن موازين القوى داخل المجلس لا تميل لصالح المعارضة التي لا تتوفر على الأغلبية العددية لتمرير الملتمس، فإن القرار يحمل، بحسب مراقبين، دلالات سياسية تتجاوز الحسابات البرلمانية الضيقة، ويعكس توجّهًا جديدًا نحو تأطير معارضة أكثر حزماً وتنسيقاً، لا سيما بعد عودة البيجيدي للمشهد السياسي بقوة إثر مؤتمره الأخير.
ملتمس الرقابة، وإن كان غير مرشح للنجاح عدديًا، فإنه قد يتحول إلى منصة سياسية لتعرية ما تعتبره المعارضة “فشل الحكومة في التدبير”، ومناسبة لإعادة ربط الجسور مع الرأي العام، وسط تنامي التذمر الاجتماعي، وارتفاع المطالب بالمحاسبة والشفافية.
فهل يكون هذا الحراك البرلماني شرارة إحياء السياسة من جديد؟ أم مجرد هروب تكتيكي من المعارضة إلى واجهة إعلامية خالية من رهان واقعي؟

تعليقات الزوار