التهراوي يختزل أزمة الصحة في رجل الحراسة والشباب يرد: المشكل في الحكومة لا في الأبواب

هبة زووم – الرباط
بعد صمت طويل، اختار وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي أن يظهر عبر شاشة القناة الثانية، في محاولة لتبرير اختلالات المنظومة الصحية التي فجّرت احتجاجات واسعة في صفوف المواطنين وشباب “جيل زد”.
غير أن خروجه الإعلامي، الذي جاء بعد ضغط الشارع، كشف أكثر مما حاول إخفاءه، بعدما حمّل مسؤولية فشل القطاع لفئة الحراس الخاصين بالمستشفيات، متحدثًا عن “تحكمهم” في أبواب المؤسسات الصحية، واتهامهم بتلقي مبالغ مالية لتسهيل بعض الخدمات.
الوزير، الذي بدا كمن يبحث عن شماعة لتعليق الأزمة، أقر بأن هؤلاء الحراس “يقومون بخدمات لا تدخل ضمن اختصاصهم” مثل تسجيل المرضى وتوجيههم، لكنه في الوقت ذاته اعترف بأنهم “يشتغلون في ظروف صعبة وبأجور زهيدة”، لا تتجاوز في أحسن الأحوال ثلاثة آلاف درهم شهريًا.
تصريحات الوزير أثارت موجة من الانتقادات، واعتبرها متتبعون محاولة للهروب من جوهر الأزمة البنيوية التي يعيشها القطاع الصحي منذ سنوات، والمتمثلة في سوء الحكامة، وغياب الشفافية، وتغوّل مصالح ضيقة داخل الوزارة.
ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الرأي العام من التهراوي تشخيصًا شجاعًا وقرارات ملموسة لإصلاح المنظومة، انشغل – بحسب مصادر نقابية – بمنح صفقات عمومية بملايين الدراهم لشركات يقال إنها قريبة من قيادات سياسية بحزب الأحرار، ما عمّق الشكوك حول نية الإصلاح الحقيقية داخل الوزارة.
ويرى محللون أن تصريحات التهراوي تأتي في سياق سياسي محتقن، حيث تتصاعد احتجاجات شباب “جيل زد” ضد ما يصفونه بـ”فساد الحكومة وانفصالها عن هموم المواطن”.
فالحديث عن تحميل حراس الأمن مسؤولية تردي الخدمات الصحية، في نظر هؤلاء، لا يعدو أن يكون محاولة لتوجيه الأنظار بعيدًا عن فشل السياسات الحكومية في هذا القطاع الحيوي.
وبينما يحاول الوزير تصوير الأزمة على أنها مسألة حراس ضعفاء الأجر وسوء تدبير شركات المناولة، يعرف الجميع أن جذر المشكلة أعمق بكثير: غياب رؤية إصلاح حقيقية تعيد الثقة للمغاربة في منظومة صحةٍ أنهكها الزبونية والفساد.
فهل يستطيع الوزير التهراوي أن يواجه الحقيقة بشجاعة ويشرع في الإصلاح من الداخل؟ أم أنه سيواصل، كما يرى المنتقدون، ترديد خطاب يبرئ الحكومة ويحمّل “الضعفاء” وزر فشلٍ صنعته قرارات الكبار؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد