نقابة أعوان الحراسة تهاجم وزارتي الصحة والتشغيل وتتهمهما بتكريس “العبودية المقنعة” داخل المؤسسات العمومية

هبة زووم – الرباط
في خروج نقابي قوي ومحمّل بالرسائل، رفضت النقابة الوطنية لأعوان الحراسة الخاصة والنظافة والطبخ تحميل حراس الأمن والعاملات مسؤولية فشل المنظومة الصحية أو التعليمية، معتبرة أن الحكومة اختارت الحلقة الأضعف لتغطية إخفاقاتها البنيوية، بدل معالجة أصل الداء المتمثل في الفساد وسوء التدبير.
وقالت النقابة، في بلاغ ناري توصلت به هبة زووم، إن ما يجري داخل المؤسسات العمومية ليس سوى صورة مكرّسة لـ”العبودية المقنّعة” التي يعيشها آلاف العمال والعاملات في غياب أبسط شروط الكرامة المهنية، محملة وزارات الصحة والتربية الوطنية والشغل كامل المسؤولية عن استمرار هذا الوضع المهين.
أجور هزيلة، ساعات عمل طويلة، وتهديد دائم
النقابة كشفت أن حراس الأمن الخاص بالمستشفيات العمومية يشتغلون أكثر من 12 ساعة يوميًا مقابل أجور لا تتجاوز 2000 درهم شهريًا، دون أي تعويضات أو تغطية اجتماعية أو تأمين ضد الأخطار، رغم أن مهامهم تتضمن مواجهة المخاطر يوميًا وحماية الأرواح والممتلكات.
وأضافت أن العديد من شركات الحراسة تجبر العمال على توقيع كشوف أجور وهمية، وتلوّح لهم بالطرد أو التنقيل التعسفي في حال مطالبتهم بحقوقهم، في الوقت الذي يتعرض فيه عدد منهم لاعتداءات لفظية وجسدية من بعض المرتفقين، دون أن توفر لهم الإدارات أي حماية قانونية.
وأشارت النقابة إلى أن الإدارات العمومية تتجاوز حدود القانون حين تُلزم الحراس بمهام ليست من اختصاصهم، كاستقبال الحالات الطبية الطارئة أو التدخل في نزاعات داخلية، وكأنهم جزء من الطاقم الصحي أو الإداري.
اتهامات ظالمة وسياسات تمييزية
الهيئة النقابية عبّرت عن غضبها الشديد من استمرار تحميل الحراس والعاملات مسؤولية الفشل المؤسساتي، معتبرة أن “بعض المواطنين والإعلاميين وحتى المسؤولين العموميين” يوجهون اتهامات مجانية لهذه الفئة بالتقصير أو الرشوة، في حين أن المشكل الحقيقي يكمن في الصفقات المشبوهة وغياب الرقابة على الشركات المتعاقدة مع الوزارات.
وقالت النقابة إن وزارة الصحة نفسها اعترفت بأن أكثر من 70% من شركات الحراسة لا تحترم معايير الاحترافية، ما يفضح هشاشة منظومة تدبير الموارد البشرية في القطاع العمومي، ويؤكد أن “عرق العمال أصبح سلعة في سوق الصفقات الفاسدة”.
ردّ مباشر على الوزيرين التهراوي والسكوري
ويأتي هذا الخروج، وفق البلاغ، ردًّا على تصريحات وزير الصحة أمين التهراوي الذي حمّل فشل المنظومة الصحية لحراس الأمن الخاص، قبل أن يعيد زميله في الحكومة، يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل، نفس الخطاب، واضعًا أزمة الصحة على عاتق نفس الفئة التي وُجدت لتؤمن الأبواب لا لتُتهم بحراسة الفشل.
واعتبرت النقابة أن مثل هذه التصريحات “تحريف للواقع وتبرئة للمسؤولين الحقيقيين عن انهيار القطاع الصحي والتعليمي”، داعية إلى محاسبة المتورطين في تدبير الصفقات العمومية المشبوهة بدل رمي التهم على عمال يعيشون أقصى درجات التهميش المهني والاجتماعي.
مطالب واضحة وتحذيرات قوية
وطالبت النقابة برفع الأجور الهزيلة فورًا بما يتناسب مع غلاء المعيشة والمخاطر المهنية، وفرض التصريح الإجباري لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، وضمان التغطية الصحية والتأمين ضد الأخطار، وفتح تحقيق وطني شفاف في الصفقات التي تستغل اليد العاملة الرخيصة.
وختمت النقابة بلاغها برسالة حازمة إلى الحكومة: “لن نقبل بعد اليوم أن نكون الحلقة الأضعف أو كبش فداء لفشل السياسات العمومية. لسنا سبب الخلل، بل ضحايا منظومة لا تحترم الإنسان ولا القانون”.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد