هبة زووم – محمد أمين
خلال السنوات الثمانية الأخيرة التي تولى فيها العامل رشدي دفة تسيير عمالة الدريوش كان كل من تسأله عن مستقبل مدينة الإقليم، يرفع حاجبيه إلى الأعلى ويقول لك إن الله وحده هو المطلع على الغيب.
كان منسوب الثقة ينخفض بشكل مخيف، وقد كان عامل فقدان الثقة يشكل نفورا للمستثمرين وهروبا للكفاءات، لكن حدث ما لم يكن يتوقعه كثيرون، فالطريقة التي دبر بها العامل رشدي الإقليم فاجأت الجميع.
أبدعت الجميلة أحلام مستغانمي بحروف تفيض غنجا ودلالا رائعتها “الأسود يليق بك”، غاصت في عالم تتقاطع فيه الرغبة الجامحة بالحزن العميق، في قصة إنسانية تخطف الألباب، لا أعرف السبب الذي جعل هذه الرواية تشدني بقدر جعلني أستفيق مفزوعا بعد أن تمزق الخيط الناظم الرفيع الذي يفصل علياء الحلم بالأمر الواقع.
الدريوش اليتيمة لا تستطيع نزع لبوس الحداد وهو أمر واقع، لا يختلف حوله إثنان، المستفيد من مقدراتها يقر بأنها في حداد، وخائب الرجا من لم تسعفه ظروفه للاستفادة يقول أيضا بأنها في حالة حداد، المواطن البسيط لا تخطئ عينيه كون ملامحها شاحبة أعينها جاحظة يرتسم الأسى ببشاعة على ملامحها…
ثمانية سنوات بالتمام والكمال مضت ضيع فيها العامل رشدي مجد المدينة، وسمح بوصول أسماء من الموالاة إلى “بوديوم” التسيير، بحيث سمح تقديره الخاطئ للأمور برفع شأن عائلاتهم، في وقت استمرت الدريوش المعطاء الصبورة في خط تنازلي، راكموا المكاسب والغنائم والأعطية والنفوذ، فأين هم اليوم منك وأنت تحتضرين بصمت وجلد تحسدين عليه.
هل ما زالوا يحاولون بنفس النهج والنمط استنزاف ما تبقى من رحيق شهدك، كأنهم يظنون أن مواطني الأمس هم نفس مواطني اليوم، دائمي الخنوع والانبطاح، ما يعتبر تشجيعا ماديا ومعنويا منا للسادة “الباطرونات” في تنطعهم على القانون، في إحالة إلى الفيلم المصري “صرخة نملة”، غير أن واقع الأمر يقول: خاب ظنكم، فلا السكر “الحلاوة” بات يستهوي مستعمرات النمل.

تعليقات الزوار