تطوان: فلوس الشعب فين مشات في المهرجانات والحفلات والسفريات؟

هبة زووم – حسن لعشير
عاشت مدينة تطوان هذه السنة على وقع سلسلة متتالية من المهرجانات، نظمت تارة باسم الفنون الشعبية الدولية، وتارة باسم الحوار الفني والثقافي، وتارة باسم المهرجان السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط؟ ومرة أخرى باسم مهرجان للعود، رصدت لها مئات الملايين؟!
و هاهي مدينة تطوان اليوم تشهد إنجاز نوعي لمجلسها الجماعي، يومه الأربعاء 21 غشت 2024، يتمثل في إفتتاح مهرجان أصوات نسائية بدعم سخي من المال العام، انفردت به جماعة تطوان البالغ عدده 6 مليون درهم، في ظل ما تعيشه ساكنة المدينة من قضايا وتحديات تستدعي استدراكها بالإصلاح والاوراش العملية لتحقيق التنمية البشرية، منها على وجه الخزي والعار افتقاد 32 حي للتجهيز من أجل الرفع من مستوى المدينة لتمثل وجهة سياحية مرجوة.
أما قضية النقل الحضري فتلكم قصة أخرى، في ظل وجود حافلات متهالكة يوميا تحترق الواحدة تلو الأخرى في صمت، وتفتقد الى شروط السلامة الصحية للمتنقلين، بعدم توفرها على المكيفات الهوائية في ظل الحرارة المفرطة والركاب مكدسين بمثابة علب السردين وغيرها كثير من الاختلالات والتناقضات.
هذا ، وقد سجل إخوان بن كيران بمجلس جماعة تطوان بامتعاض شديد صرخاتهم بكل الأسى و الأسف على استمرار جماعة تطوان في نهج سياسة المهرجانات الماجنة والصاخبة، والتي تعارض توجهات ساكنة المدينة الأبية الذين هم في غنى عن نغماتها.
هذه السياسة الممنهجة التي بدأت مع المجلس الجماعي في ولايته الحالية الذي يرأسه التجمعي مصطفى البكوري المنتمي إلى حزب عبد العزيز أخنوش، والتي تهدف بالأساس إلى ضرب قيم وأخلاق المجتمع، و خلق تيار من الشباب المائع و العبثي الذي لا يفكر في القضايا الكبرى و التحديات الجوهرية للبلاد بقدر ما يعيش على التفهات والخزعبلات.
واستمرارا لهذه السياسة الفاشلة لمجلس جماعة تطوان، يطل علينا هذه المرة بدعم سخي لفائدة مهرجان باسم أصوات نسائية في نسخة جديدة بحضور راقصات مستوردات من الشرق والغرب ليرقصن بمفاتنهن على جراح الأمة الإسلامية في قطاع غزة الذي يتعرض للإبادة الجماعية على يد الصهاينة المجرمين و سوريا المدمرة والعراق الجريح، و ليبيا و اليمن وغيرها…
وكذلك في تحد سافر لإرادة المواطنين، وقيمهم ومطالبهم المتمثلة في الحفاض على القدرة الشرائية في معاشهم واصلاح الطرقات ودعم الاحياء ناقصة التجهيز بتراب الجماعة عن كثرتها، البالغ عددها حسب إفادة اخوان بن كيران داخل المجلس الى 32 حي بتطوان وتسوية قضية النقل الحضري، وأمام هذ ه التحديات، فإن جماعة تطوان تقدم الدعم السخي لمهرجان أصوات نسائية بمبلغ 6 مليون درهم، هذا يؤشر على تبذير للمال العام و إهدارا لمقدرات المواطنين في الوقت الذي تعاني فيه ساكنة تطوان من مجموعة من المشاكل و الأزمات من فقر و بطالة وتحديات تمس القطاع الصحي وانتشار الأمراض المزمنة، ما يؤشر على أن الصرح الاجتماعي في منحدر إلى السطحية (هابط) ثقافيا وفنيا وسياحيا الى مستوى الحضيض.
ومن هنا يأتي اخوان بن كيران بتطوان ويعلنون استنكارهم الشديد لتنظيم مهرجانات الخلاعة وهذر أموال الشعب فيما لا ينفع، وعلى رأسها مهرجان أصوات نسائية، فيحملون مسؤولية تبعات هذا الدعم السخي لمجلس الجماعة وأغلبيته برئاسة التجمعي مصطفى البكوري.
كما طالبوا من هيئات المجتمع المدني و كل قواه العاملة كل من موقعه و جميع الضمائر الحية الى التحرك ضد سياسة هدر أموال الشعب في المهرجانات الساخبة وإقصاء المشاريع الملحة التي تستدعي مواجهتها بالاوراش الفعلية لتحقيق التنمية التي مافتأ ينتظرها سكان سكان بشغف كبير، و كذا التنبيه الى المفاسد الأخلاقية المتضمنة في مثل هذه المهرجانات.
وفي اتصال أجرته جريدة “هبة زووم” بإحدى نشيطات العمل الجمعوي بتطوان لاستفسارها عن موقف الجمعية المدنية من هذا المهرجان الذي ينظم باسم أصوات نسائية من 22 الى 24 غشت الجاري، معربة عن قلقها جراء السياسة الفاشلة التي ينهجها التجمعي مصطفى البكوري وأغلبيته داخل المجلس الجماعي.
وأوضحت، ذات المتحدثة، على أنه إذا كان هذا المجلس الجماعي يرى أن المهرجانات لها أهميتها في الترويج للسياحة الداخلية وخلق بعض مناصب الشغل و فتح المجال أمام “المواهب” الجديدة و اكتشاف طاقاتها و إبداعاتها و تقريب الجمهور منها، فإن المجتمع المدني يرى أن وضع حد لمعاناتهم وتحقيق مطالبهم وتسوية أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وهيكلة الاحياء الهامشية وتجهيز طرقاتها أولى من هدر الأموال على فورة المهرجانات التي تنبت كالفطر في هذه المدينة الأبية، التي تم اغتصابها بعقليات تؤمن بالمادة فقط.
و لا أدل على ذلك، تضيف المتحدثة، من التصريحات المنسوبة لبعض المسؤولين، الذين يتبجحون بانتقال المدينة في بضع سنوات من تنظيم سلسلة من المهرجانات في السنة الواحدة وهذا في نظرهم يعتبر تقدما ملموسا وعملا مشرفا، وفي الحقيقة يمكنهم أن يتخيلوا حجم المبالغ المالية المهولة التي انفقت على تلك المهرجانات وهي خاوية عن عروشها ماذا تحقق منها ؟! وقالت
إذا كانت نجمة لبنان “كارول سماحة” ستكلف دافعي الضرائب ملايين السنتيمات فهذا حمق وطيش.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار التصريحات الصادمة لرئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بخصوص الاعتمادات المالية المخصصة لبعض المهرجانات المنظمة بالمغرب، والذي أكد في تصريحاته أمام وسائل الإعلام أن مهرجان تطوان الذي نظم باسم “أصوات نسائية” بلغت ميزانيته نحو 10 ملايين درهم أنفقت في ثلاثة أيام في المرحلة السابقة، الأمر إذن يتعلق بمدى جدية المجلس الجماعي بتطوان في ترشيد النفقات للتخفيف من حدة القضايا التي تؤرق حياة ساكنة المدينة، فمن المفروض في المهرجانات أن تعبر عن ثقافة الفرح و الاحتفال وإبراز الأبعاد الثقافية والفنية بغرض إحياء تراث المنطقة، و من غير المقبول أن تتحول إلى آلية للتنفيس عن الاحتقان الاجتماعي و الإحساس بالغضب من الأوضاع الاقتصادية السائدة والاجتماعية المتردية، بينما ملايين الدراهم ترصد لمهرجانات لا طائل من ورائها سوى المزيد من تعقيد الأوضاع والاحتقان الاجتماعي.
وحسب ما جاء في بلاغ صادر عن الجهات المنظمة لهذا المهرجان باسم أصوات نسائية في نسخته 12، أن دورة هذه السنة تشهد مشاركة فنانات عالميات مشهورات من الشرق والغرب امثال الفنانة اللبنانية كارول سماحة، شدى حسون وسناء مرحاتي ، فضلا عن مشاركة فرقة جيبسي كوينز جينيراشن الإسبانية وكذا فرقة ماريا اوليه فلامنكو.
وتأتي هذه النماذج على وجه الاستدلال ان المهرجان هذا يطغى عليه طابع اصوات نسائية غربيات وشرقيات في فضاء مدينة تطوان، تطوان التي تقول بصوت عال “فلوس الشعب فين مشات في المهرجانات والحفلات والسفريات”.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد