رئيسة جماعة السعيدية تترك الجمل بما حمل للعامل حبوها ولسان حالها “الاستقالة أرحم إلى ما تدعوني إليه”
هبة زووم – محمد أمين
برزت في الآونة الأخيرة، اتهامات متزايدة لتجار من نوع آخر وعلى رأسهم “البارون” الكبير بمحاولة توسيع نفوذه في المشهد بإقليم بركان عموما والسعيدية خاصة.
خصوصاً من خلال تحكمه المبالغ فيه، هذه التحركات لم تمر دون انتقادات، بل أثارت استياء داخل مختلف الأوساط السعيدية، التي اعتبرت أن لوبي الرجل القوي، كما يحلى لمريديه أن يسموه، يسعى إلى السيطرة على مفاصل جماعة السعيدية، في خطوة وصفها البعض بأنها “تغول سياسي” غير مبرر.
اليوم الرئيسة إيمان مداح نظيفة اليد تترك الجمل بما حمل لصالح هؤلاء ومعهم العامل حبوها، الذي ضغط في أكثر من مرة للإطاحة بها لأنها لم تدخل جناح البارون وتمردت.
الأكيد أن استمرار هذا النهج يضع بركان أمام سيناريو قد يهدد استقرار نسيجها السياسي، على اعتبار أن القفز على القوانين وتجاوز المؤسسات الدستورية لا يضر فقط بالمؤسسات، بل يفتح الباب أمام أزمات سياسية قد تؤثر سلبًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الخطير في هذا السياق هو أن تغول الرجل القوي بتجارته وبرعاية من السلطة (العامل حبوها) قد يدفع الفاعلين السياسيين إلى اللجوء لأساليب نضالية قد تعمّق الانقسام وتؤدي إلى حالة من الاستقطاب السياسي الحاد، وهو ما ينعكس سلبًا على ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية برمتها.
إن اللامركزية الإدارية الترابية، إذا كانت بمقتضاها تتوزع الوظيفة الإدارية بين الدولة والساسة من المنتخبين، بما يعرف باللامركزية ” المستقلة”، فإن ذلك الاستقلال، مهما كان لن يصل إلى حد الانفصال، أو إلى إعدام كل علاقة بين الساسة والدولة، بل تظل العلاقة قائمة بينهما بموجب نظام يعرف بالوصاية الإدارية، أو ما يسمى حديثا بالرقابة الإدارية، حيث جاءت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لتأكيد وتنزيل مقتضيات الدستور، فيما يخص الجهوية المتقدمة، إذ حملت العديد من المستجدات فيما يخص الجماعات الترابية.
ومن بين أهم هذه المستجدات التخفيف من الوصاية الإدارية لصالح الرقابة القضائية من خلال المحاكم الإدارية، ليتم إلغاء الرقابة الإدارية المسبقة على الهيئات اللامركزية، وتحويلها إلى رقابة إدارية بعدية، تنتهي إلى رقابة قضائية في حالة الإحالة على القضاء الإداري.
فهل تحولت الرقابة إلى صولجان لفرض الوصاية من جديدة باستخدام المادة 64 جبرا للنفس الأمارة بالسوء؟
أظن أن مختلف أجهزة الدولة، ربما تحمل من الذكاء والفطنة، ما يجعلها تلتقط بسرعة مختلف الإشارات وتتلقف ما وراء السطور، وتستشرف المستقبل برؤية ثاقبة، ربما إن لم نقل أكيد أنها ستطوي الزوبعة الأخيرة التي أرخت بظلالها على السعيدية، لأنها في غنى عن أي احتقان أو اصطدام ربما قد يقود إلى بثر كوة الأمل، ويقودها إلى مستقبل مجهول بقرار أو أجراء متهور ومندفع…