تطوان: الأقراص المهلوسة والمخدرات القوية تغزو شوارع واد لاو وأزقتها وسط صمت غير مفهوم للجهات المختصة

هبة زووم – حسن لعشير
كانت واد لاو، لسنوات طويلة، لوحة فنية ساحرة تزين شاطئ المغرب، قرية صيادين هادئة تحولت تدريجياً إلى وجهة سياحية جذابة، بفضل طبيعتها الخلابة وشواطئها الرملية الذهبية، وكانت ملاذاً للباحثين عن الهدوء والاسترخاء، ومقصداً للسياح من مختلف أنحاء العالم.
لكن مع مرور الزمن، بدأت ملامح هذه القرية الساحرة تتغير، فالتوسع العمراني العشوائي، وانتشار المباني الشاهقة، قضى على الكثير من مساحاتها الخضراء، وأفسح المجال لمشكلات جديدة، ومع هذه التحولات، بدأت تظهر مشكلة خطيرة تهدد نسيج المجتمع، ألا وهي انتشار المخدرات.
لقد تحولت واد لاو، التي كانت يوماً رمزاً للسلام والجمال، إلى ساحة حرب خفية ضد الإدمان، فقد أصبحت شوارعها وأزقتها مسرحاً لتجارة المخدرات، وانتشرت بين الشباب ظاهرة تعاطي المخدرات القوية والصلبة بين شباب المنطقة، الذين تحول أغلبهم من تناول مادة “الشيرا” المحلية والكيف بواسطة السبسي، إلى الادمان على المخدرات ذات المفعول القوي مثل مادة الهروين والكوكايين والٱقراص المهلوسة.
فما من مقهى الا وتجدها مملوءة عن ٱخرها بالمدمنين من فئة الشباب على تناول الشيرا والسبسي، كأن المدينة تخلو من السلطات المحلية، وغير خاضعة للرقابة الٱمنية، بل يسودها بالمقابل الفوضى والتسيب، دون تسجيل أدنى تدخل من قبل المصالح الأمنية، أما عناصر الدرك الملكي فإن ما يهتمون به هو مراقبة الحركة المرورية فقط كأن عمليات الضبط وأمن مدينة واد لاو لا يدخل ضمن اختصاصاتهم.
لهذا فإن شبكات ترويج المخدرات بمختلف أنواعها واللمواد السامة، وجدت في مدينة واد لاو منطقة ملائمة وبلا رادع، حيث أصبحت المنطقة مجالا مفتوحا أمام مروجين محليين وأجانب، الذين عملوا على نشر سمومهم بالأحياء الشعبية، التي كان سكانها إلى وقت قريب لا يعرفون مثل هذه المخدرات، وكانوا يشتغلون في الفلاحة المعاشية طيلة اليوم.
وتفيد ٱراء العديد ممن ينتمون إلى جمعيات مدنية مهتمة بالمنطقة، أن مدينة واد لاو الساحلية أضحت ملاذا آمنا لكل العصابات التي تتعاطى الاتجار وترويج المخدرات، حيث غزت جل الأحياء بمدينة واد لاو، وتعاملها بواسطة الهاتف النقال الذي سهل المأمورية لتحديد مكان تسليم البضاعة، حيث يتم ذلك بواسطة السيارات وعلى الطريق العام لعدم إثارة الشبهات، وهو الأمر الذي يصعب تداركه من قبل الجهات الأمنية.
ويرجع هذا الانتشار الواسع لشبكة ترويج المخدرات بالمدينة، خاصة في الأحياء الشعبية التي تعرف كثافة سكانية كبيرة، إلى ارتفاع عدد المتعاطين لهذه السموم، خاصة من فئة الشباب العاطل الذي لم يجد مهربا من واقعه المظلم سوى الارتماء في أحضان هذه السموم، وأيضا بعد انخفاض ثمنها، الذي أصبح لا يتعدى 20 درهم للجرعة الواحدة من مادة الهروين، ما فسح المجال أمام أصحاب الإمكانيات المحدودة الدخل للمغامرة والتعاطي لهذه المادة، التي كانت في السابق حكرا على الطبقة الميسورة، حين كان ثمن الجرعة أو “بابيلا” من مادة الهروين يتراوح ما بين 200 و300 درهم.
وكانت جمعيات حقوقية، وفعاليات المجتمع المدني بالمنطقة، أكدت في أكثر من مناسبة سابقة أن محاربة هذه الظاهرة هي مسؤولية الجميع، بدءا من المواطن والأحزاب السياسية، والهيئات المدنية، والسلطات المحلية، والمصالح الأمنية بالمنطقة بما فيها الدرك الملكي، وطالبوا بتكثيف الجهود وتجنيد كافة الإمكانيات الرسمية، انطلاقا من الأجهزة الأمنية إلى وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، وكذا القيام بحملات تحسيسية وندوات بالمؤسسات التعليمية للتفكير في الخروج من هذه الكارثة التي ترخي بظلالها على مدينة واد لاو الشاطئية.
ولا يخفى على أحد أن النائبة البرلمانية نهى الموساوي، عضو فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، تقدمت في مرحلة سابقة بسؤال حول الوضعية السيئة التي انتشرت بمدينة واد لاو خلال السنوات الأخيرة، حيث كشفت عن انتشار المؤثرات العقلية بجماعة واد لاو بإقليم تطوان، مطالبة الجهات المختصة بضرورة التحرك لحماية المواطنين.
وقالت البرلمانية التطوانية، في سؤال كتابي وجهته إلى عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، أن ساكنة جماعة واد لاو بإقليم تطوان، يشتكون من انتشار المؤثرات العقلية بشكل غير مسبوق، وتنامي مظاهر الانحراف السلوكي، جراء الاقبال على استعمال مختلف أنواع المخدرات، بحيث أصبح معه مركز واد لاو محجا للتسوق وشراء الحاجيات من هذه المواد الخطيرة على الصحة النفسية والعقلية للشباب. ورغم ذلك فإن الظاهرة لازالت في تدهور مستمر ولن يتحقق اي تغيير على أرضية الواقع.
ليبقى النظر إلى ما ستسفر عنه التحركات الأمنية والسلطات المحلية، لانقاذ مدينة واد لاو من السيبة ومن جميع أشكال الانحراف، لعلها تسترجع جماليتها التي كانت عليها من ذي قبل؟؟؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد