صفعة في قلب المدرسة.. هل انتصر التسامح على القانون في الشماعية؟

هبة زووم – ياسير الغرابي
عاشت مدينة الشماعية بإقليم اليوسفية، خلال الأسبوع الماضي، على وقع حادثة غير مألوفة هزّت الوسط التربوي، بطلُتها أم تلميذ أقدمت على صفع مدير مدرسة المهدي بنونة، ما أسفر عن تفاعل قانوني وإداري ونقابي واسع، وتحول لاحقًا إلى قضية رأي عام بعد أن تنازل المدير عن متابعة الأم، في خطوة قرأها البعض على أنها تصالحية وإنسانية، فيما رآها آخرون تنازلاً مقلقًا عن هيبة المؤسسة التربوية.
وتفاصيل الواقعة تعود إلى شجار حاد بين أم لتلميذ ومدير المؤسسة، انتهى باعتداء جسدي، وثق بشهادة طبية تثبت عجزًا دام 20 يوماً.
وقد أحيلت السيدة المعتدية، التي تُعد أرملة وتعاني من اضطرابات نفسية بحسب شهادة طبية، على النيابة العامة رفقة المدير وعدد من الشهود، قبل أن يقرر هذا الأخير التنازل عنها أمام القضاء، رحمة بوضعها الاجتماعي والإنساني.
في المقابل، أصدرت المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية بيانًا تنديديًا شجب الاعتداء، وأعربت عن تضامنها مع الأطر التربوية، غير أن البيان، حسب متتبعين، اكتفى بتوقيع مصلحة التواصل دون ختم رسمي أو توقيع المدير الإقليمي، ما أثار انتقادات حول جدية موقف المديرية.
من جانبها، دعت النقابة الوطنية للتعليم (CDT) إلى وقفة احتجاجية أمام المؤسسة التعليمية، طالبت خلالها بحماية الأطر التربوية وصون كرامتهم، شارك فيها عدد من مديري المؤسسات التعليمية بالإقليم. لكن حضورهم في هذا الشكل الاحتجاجي طرح تساؤلات قانونية، بالنظر إلى كون الوقفة غير مرخصة رسميًا، كما أن القوانين التنظيمية تمنع غياب المديرين عن مؤسساتهم أيام الإثنين والسبت لاعتبارات إدارية وتربوية تخص رفع العلم وأداء النشيد الوطني.
وبينما لم تبادر مصلحة الشؤون القانونية بالمديرية إلى اتخاذ أي إجراء تجاه هؤلاء المديرين، طُرحت تساؤلات بشأن مدى احترام القانون وتطبيق المساطر الداخلية، مما أعاد للأذهان قرار إعفاء المدير الإقليمي السابق يوسف أيت حدوش، ومطالب بضرورة ضخ دماء جديدة في بعض مصالح المديرية لضمان الفعالية والاحترام الصارم للقانون.
الواقعة، التي تزامنت مع أجواء وطنية متوترة بسبب الاعتداءات المتكررة على الأطر التربوية – آخرها وفاة مدير إعدادية محمد السادس بمركز رأس العين – كشفت مجددًا هشاشة العلاقة بين الأسرة والمدرسة، وغياب آليات فعالة لحماية المشتغلين بالقطاع.
ورغم كل هذا الجدل، اعتبر كثيرون في مدينة الشماعية أن تنازل المدير، في ظل ظروف الأم، يمثل ذروة القيم الإنسانية والأخلاقية التي يفترض أن يتحلى بها رجال التعليم، ليعيد إلى الأذهان المقولة الشهيرة: “كاد المعلم أن يكون رسولا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد