الحسيمة: ترجيست تحت رحمة المختلين عقليا وغياب الدولة يهدد بكارثة

ا.لحالي – ترجيست
في قلب مدينة ترجيست الهادئة، تسير الحياة اليومية على وقع توتر متصاعد، لا تثيره الأوضاع الاقتصادية أو اختلالات التعمير، بل تنفجر أزمته بصمت في وجوه المارة: أشخاص في وضعية اختلال عقلي، يسرحون في شوارع المدينة دون أي رعاية أو مراقبة، محولين فضاءها العام إلى بؤر محتملة للخطر.
السكان، الذين لطالما راهنوا على سلمية مدينتهم، صاروا اليوم يتحدثون بلغة الخوف. فالمختلون العقليون لا يكتفون بالتجول في الأحياء، بل يتصرف بعضهم بعدوانية غير متوقعة، خصوصًا في الفترات الصباحية المبكرة وعند حلول الظلام.
المارة، خاصة النساء والتلاميذ، أصبحوا عرضة لمضايقات لفظية وسلوكية وصلت إلى حد التهديد المباشر بـ”التصفية الجسدية”، كما أكدت شهادات محلية.
ورغم تواتر هذه السلوكات، التي تتكرر يوميًا، لم تُسجل أي تحركات رسمية جادة من طرف الجهات المعنية، سواء من طرف السلطات المحلية، أو المصالح الصحية، أو المجالس المنتخبة، مما يدفع الساكنة إلى دق ناقوس الخطر، قبل فوات الأوان.
الشارع الترجيستي لم ينسَ بعد الحادثة المأساوية التي وقعت سابقًا بمنطقة بني أحمد المجاورة، حين أزهق أحد المختلين روح تلميذ بدم بارد، ومقارنةً بذاك الحدث، يقول السكان: “الوضع اليوم أكثر انفلاتًا، والخطر محدق بالجميع”.
والمقلق أكثر، هو غياب مقاربة استباقية تدمج بين البعد الإنساني والحق في الأمن، وبين الواجب المؤسسي للدولة في حماية مواطنيها.
فالحديث عن الصحة النفسية لا يزال طابوهاً في السياسات العمومية، بينما تعاني المناطق الهامشية مثل ترجيست من انعدام بنيات الرعاية النفسية، أو مراكز الإيواء والعلاج المخصصة لهؤلاء المرضى.
إن الحالة الراهنة في ترجيست ليست قضية أمنية فقط، بل اختبار حقيقي لمدى التزام الدولة بتوفير بيئة سليمة تحفظ كرامة الجميع: المختلين العقليين باعتبارهم مرضى بحاجة للعلاج، والمواطنين الذين يحق لهم السير بأمان في شوارعهم.
ويطالب السكان اليوم، عبر أصواتهم المنكسرة، بإجراءات فورية: إحصاء الحالات المرضية، توفير الإيواء والعلاج، وتنسيق بين وزارة الصحة والداخلية والمجالس المنتخبة، بدل الاتكال على الزمن كحل، وهو زمن قد يحمل فاجعة جديدة.
ترجيست لم تعد تقوى على الصمت… فمن يتحمل المسؤولية قبل أن يُسجل الدم أول بيان رسمي؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد