حسن الغربي – الحسيمة
في قلب إقليم الحسيمة، تتواصل أزمة ديمقراطية عميقة داخل المجلس الجماعي لأربعاء تاوريرت، حيث يشهد هذا المجلس تحولا خطيرا ينذر بتراجع حقيقي في مبادئ الحكم المحلي والتشاركية، جراء تصرفات رئيس المجلس الذي يتعمد تجاهل حقوق المعارضة وسلب إرادة المواطنين.
المشهد الذي ترسمه الأوضاع الحالية ليس مجرد إخفاق إداري، بل هو استهتار صارخ بالقوانين التنظيمية التي تؤطر عمل الجماعات المحلية، وفي مقدمتها المادة 46 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية التي تضمن لأعضاء المعارضة حق تقديم الأسئلة الكتابية وممارسة الرقابة الديمقراطية على أداء الأغلبية.
إلا أن رئيس المجلس الجماعي لأربعاء تاوريرت، ومن خلال صمته المتعمد، يمارس سياسة التهميش والإقصاء، حيث تجاوز سنة كاملة دون الرد على الأسئلة أو حتى إدراجها للنقاش داخل المجلس.
هذا التجاهل الفاضح يرسخ ثقافة العدمية السياسية ويفتح الباب أمام إدارة شؤون الجماعة بمنطق القطيع، وليس بالمحاسبة والمسؤولية.
تأثير هذا السلوك لا يقتصر على أعضاء المعارضة فقط، بل يمتد ليشمل ساكنة المنطقة التي تجد نفسها محرومة من آليات الرقابة والمساءلة التي تُعد حقًا دستوريًا لا تقبل المساومة.
فكيف يمكن للسكان أن يثقوا في مجلس جماعي يعطل العمل الديمقراطي ويغلق أبوابه أمام الأصوات التي تمثل جزءًا من إرادتهم؟
الأمر هنا يتعلق بتجريم ممارسة ديمقراطية أساسية، وإهمال مسؤولية الحكومة المحلية في حماية حقوق الجميع، بما في ذلك حق المعارضة في المراقبة والتدخل. هذه التصرفات تهدد البنية الديمقراطية الهشة أصلاً وتعمق من الهوة بين المواطنين ومؤسساتهم.
وفي ظل هذا الواقع، تعلن المعارضة الجماعية عن عزيمتها الصلبة على مواصلة النضال القانوني والسياسي لمواجهة هذا الانحراف، ومساءلة المتسببين في هذا التراجع الديمقراطي.
كما تؤكد على ضرورة تحفيز الرأي العام والمجتمع المدني للضغط من أجل إعادة الاعتبار للشفافية والمشاركة الحقيقية، وهما ركيزتان لا غنى عنهما لأي نظام ديمقراطي.
في النهاية، لا يمكن الحديث عن تنمية محلية حقيقية ولا حكم رشيد دون تمكين كل الأطراف السياسية من أداء دورها بكرامة وفعالية.
وعليه، فإن ما يجري في أربعاء تاوريرت اليوم ليس فقط استهتارًا بحقوق المعارضة، بل هو إخلال جسيم بثقة المواطن في مؤسسات تدعي تمثيله.

تعليقات الزوار