هبة زووم – محمد خطاري
في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، شددت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، في مذكرة رسمية، على ضرورة الاستمرار الفعلي للدراسة إلى غاية 28 يونيو الجاري بجميع المؤسسات التعليمية، العمومية والخصوصية، باستثناء المستويات المعنية بالامتحانات الإشهادية.
ودعت الوزارة، عبر هذه المذكرة التي وجهتها إلى الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية، إلى التقيد الصارم بالجدولة الزمنية لإنجاز فروض المراقبة المستمرة، وتنظيم الامتحانات، وتصحيحها، وإعلان النتائج في الآجال المحددة. كما أكدت على استمرار خدمات الدعم الاجتماعي، مثل الإيواء والإطعام والنقل المدرسي، خلال هذه الفترة.
وبرمجت الوزارة فروض المراقبة المستمرة للسلك الابتدائي والإعدادي ما بين 10 و14 يونيو، مع تحديد 23 و24 يونيو للامتحان الموحد الإقليمي للسنة السادسة ابتدائي، و17 و18 يونيو للامتحان الجهوي الموحد للسنة الثالثة إعدادي.
أما في التعليم الثانوي التأهيلي، فستنطلق فروض الجذوع المشتركة ما بين 16 و21 يونيو، على أن تستمر الدراسة حتى نهاية الشهر، مع عقد مجالس الأقسام في يوليوز.
غير أن هذه البرمجة لم تمر دون انتقادات، حيث عبّر عدد من خبراء التربية والتعليم عن استغرابهم من إلزام تلاميذ أنهوا امتحاناتهم، خاصة في الجذع المشترك وأولى بكالوريا، بالعودة إلى مقاعد الدراسة في ظل غياب أي تحفيز أو مضمون بيداغوجي حقيقي خلال ما تبقى من الموسم الدراسي.
ويرى الخبراء أن “الاستمرارية الشكلية” تفتقد إلى المنطق التربوي، لأن التلميذ المغربي، كما هو معروف في الواقع اليومي، يعتبر انتهاء الامتحانات بمثابة نهاية فعلية للسنة الدراسية، ويضع حدًا لعلاقته بالمدرسة، إن لم يكن جسديًا فعلى الأقل ذهنيًا. بل إن بعضهم عبّر ساخرًا أن “المحفظة تُدفن رمزيًا بمجرد الخروج من قاعة الامتحان”.
ويحذر مختصون من أن هذا الإصرار على “التقيد الصارم” بالاستمرارية الزمنية، دون تقديم بدائل بيداغوجية محفزة ومواكبة نفسية وتربوية حقيقية، لا يؤدي سوى إلى إنهاك الأساتذة وإفراغ المدرسة من محتواها التعليمي، في وقت تشتد الحاجة فيه إلى إصلاح جوهري في التخطيط التربوي.
وتساءل آخرون: كيف يُعقل مطالبة التلاميذ بالحضور بعد اجتيازهم لامتحانات نهاية السنة، في حين أن كثيرًا من المؤسسات لا تملك أدوات دعم فعّالة خلال هذه المرحلة، وتتحول إلى فضاءات شبحية يطغى عليها التسيب أو الحشو التربوي؟ وما الفائدة من فرض “الحضور الشكلي” الذي لا ينعكس على المردودية أو على جودة التعليم؟
وتأتي هذه التساؤلات لتسلط الضوء من جديد على خلل أعمق في المنظومة التعليمية، لا يتعلق فقط ببرمجة زمنية متوترة وغير واقعية، بل بفلسفة تدبير القطاع ككل، التي تبدو أحيانًا بعيدة عن واقع الأقسام والحياة اليومية للمتعلمين والمربين.
تعليقات الزوار