هبة زووم – أحمد الفيلالي
في مدينة برشيد، حيث يختلط غبار المصالح برائحة الملفات القديمة، يعيش الشأن المحلي هذه الأيام على وقع معركة صامتة بين إرادة الإصلاح وسلطة النفوذ.
بطل المشهد هو العامل جمال خلوق، المسؤول الترابي الذي قرر أن يكسر قاعدة “السكون الإداري” ويقود قافلة الإصلاح من الميدان لا من الكراسي الوثيرة.
منذ تعيينه، بدا الرجل عازمًا على إخراج الإقليم من سباته الطويل. جولات ميدانية غير معلنة، تتبع مباشر للمشاريع المتعثرة، ورقابة مشددة على الصفقات والبناء العشوائي. لا مكان للعبث أو “التساهل الإداري” الذي ظل لعقود القاعدة غير المكتوبة في بعض الجماعات.
لكن هذا الحماس الإصلاحي لم يَرُق للجميع. فبحسب مصادر محلية، بدأت العائلات الأربع النافذة، التي تعتبر نفسها “المُلاك الحقيقيين” لبرشيد، في تحريك خيوطها لإجهاض الدينامية الجديدة.
هؤلاء الذين تعودوا أن تكون الجماعة حديقة خلفية لمصالحهم، يرون في العامل خلوق تهديدًا لمعادلات قديمة بُنيت على الولاءات والمنافع المتبادلة.
تسريبات من داخل المجالس المحلية تفيد أن الضغوط تُمارَس في الكواليس، عبر قنوات سياسية وإدارية، لإبطاء وتيرة الإصلاحات وخلق “ألغام بيروقراطية” في وجه العامل، فالذين راكموا الثروات من الريع والمضاربات العقارية يدركون أن أي إصلاح حقيقي سيكشف المستور ويقلب الطاولة على منظومة مصالح مترسخة منذ سنوات.
العامل جمال خلوق، بخلفيته التقنية وصرامته في التتبع، لم يأتِ ليُجامل أحدًا. وهو يدرك جيدًا أن الإصلاح في برشيد لن يكون طريقًا مفروشًا بالورود، بل ساحة اختبار بين من يريد بناء إدارة حديثة ومن يتشبث بعقلية “الدوار الإداري”.
الشارع المحلي بدأ يلتقط إشارات الصراع. فبين مؤيد يرى في العامل شخصية نادرة كسرت جدار الصمت، ومعارض منزعج من شفافية غير مألوفة، تتحرك برشيد على إيقاع مواجهة غير معلنة بين “رجل الدولة” و”دولة العائلات الأربع”.
ويبقى السؤال الجوهري: هل سيتحمل العامل خلوق حجم الضغوط أم ستنجح لوبيات برشيد في إعادة عقارب الإصلاح إلى الوراء؟ الجواب ستكشفه الأيام القادمة، لكن ما هو مؤكد أن برشيد اليوم تقف على مفترق طرق: إما أن تنتصر للمصلحة العامة، أو تعود إلى حضن العائلات التي اعتادت أن تحكم من وراء الستار.
تعليقات الزوار