شبكات تعيث فساداً في سوق العقارات المغربي

هبة زووم – الرباط
يشهد قطاع العقارات في المغرب تحولات متسارعة، إلا أن هذه التحولات لا تخلو من ظلال مظلمة تلوح في الأفق، فبينما يسعى الكثيرون لتحقيق حلم تملك منزل، يعاني آخرون من ممارسات فاسدة تستهدف حقوقهم وممتلكاتهم.
وفي هذا السياق، كشفت تحقيقات صحفية عن شبكات فساد متشعبة تعمل في الخفاء، تستغل ثغرات القانون ونفوذها لابتزاز المواطنين.
أبرز هذه الممارسات الفاسدة تكمن في تضخيم قيمة الضرائب العقارية بشكل تعسفي، والضغط على مالكي الأراضي لبيع عقاراتهم بأقل من قيمتها الحقيقية.
ويتم ذلك من خلال تهديد الملاك بفرض غرامات باهظة أو تعقيد الإجراءات الإدارية، هذا الأمر دفع بالعديد من المواطنين إلى التنازل عن حقوقهم خوفًا من المتابعة القانونية أو الإدارية.
هذا، وتلعب بعض العناصر الفاسدة ضمن الإدارات الحكومية دورًا حاسمًا في هذه الممارسات، فوفقًا لمصادر مطلعة، فإن موظفين ببعض الجماعات الترابية يتواطئون مع منعشين عقاريين ووسطاء، حيث يستغلون صلاحياتهم الوظيفية لابتزاز المواطنين.
كما أن هناك حالات وثقت فيها تورط موظفين في منح إعفاءات ضريبية غير قانونية لأشخاص معينين، مما يزيد من حدة الظلم ويعمق الفجوة بين المواطنين.
ولا يقتصر تأثير هذه الممارسات الفاسدة على الأفراد، بل تمتد لتشمل الاقتصاد الوطني ككل، فهي تخلق بيئة غير مواتية للاستثمار، وتثني المستثمرين الجادين عن الدخول في السوق.
كما تؤدي إلى تدهور الثقة في المؤسسات الحكومية وتعميق الشعور بالظلم والإحباط لدى المواطنين.
وأمام هذه الوضعية الخطيرة، تبذل السلطات المغربية جهودًا لمكافحة الفساد في قطاع العقارات، وقد أطلقت حملات لمكافحة الرشوة والفساد، وسعت إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في الإجراءات الإدارية، كما تم تشديد الرقابة على الإدارات المعنية وتفعيل دور الأجهزة الرقابية.
ولمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة، يتطلب الأمر اتخاذ مجموعة من الإجراءات الحاسمة والشاملة، حيث يجب البدء بتعزيز الشفافية في جميع الإجراءات المتعلقة بقطاع العقارات، ونشرها على المنصات الرقمية لتسهيل الوصول إليها من قبل المواطنين.
بالتزامن مع ذلك، يجب تكثيف الرقابة على الإدارات المعنية وتطبيق عقوبات رادعة على كل من يثبت تورطه في أعمال فساد، كما يستوجب الأمر مراجعة شاملة للقوانين والتشريعات الحالية، وتشديد العقوبات على الجرائم المرتبطة بالفساد العقاري.
ولا تقتصر الحلول على الجانب القانوني والإداري، بل تتعداه إلى ضرورة توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم، وتشجيعهم على الإبلاغ عن أي حالات فساد يشهدونها.
وأخيرًا، يجب دعم دور المجتمع المدني في مكافحة الفساد من خلال توفير المنابر المناسبة للتعبير عن الانشغالات وتقديم المقترحات والحلول.
إن مكافحة الفساد في قطاع العقارات تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومة إلى المجتمع المدني، بهدف بناء قطاع عقاري عادل وشفاف يخدم مصالح المواطنين، حيث يجب أن يكون هذا الهدف المشترك هو حماية حقوق المواطنين وضمان استقرار السوق العقاري، وتحقيق تنمية مستدامة للبلاد.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد