هبة زووم – الحسن العلوي
كنا واهمين حين اعتقدنا أن عجلة التغيير ستأخذ سكتها الصحيحة بمراكش بعد تعيين الوالي شوراق، وسيتغير معها وجه المدينة، وستتحرك المياه الراكدة، خاصة في مسألة المال العام.
كما اعتقدنا واهمين أن خدمات مجموعة من المؤسسات التابعة للدولة ستعرف منهجية جديدة تعمل لصالح المواطنين دون معاملتهم بأساليب الحكرة والتعالي أثناء قضاء أغراضهم الإدارية، حيث يعود المواطن بعد مغادرة هذه المؤسسات محملاً بمرض الأعصاب ومرض السكري.
كما اعتقدنا واهمين أن الوقت قد حان لترك منهجية المكوث في المكاتب لبعض المسؤولين والخروج إلى الواقع المعاش للتعرف عن قرب على معاناة المواطنين، من سرقات أثناء تبضعهم في الأسواق العشوائية والنموذجية، ناهيك عن الشارع العام الذي أصبح مسرحًا للجريمة بكل أنواعها، والتصدي لظاهرة ترويج الممنوعات التي استفحلت بشكل يدعو للاستغراب.
وفي الوقت الذي كان المواطنون ينتظرون محاسبة الوالي شوراق المسؤول الحقيقي عن هذا التدهور، جاء القرار بإعفاء قائد الملحقة الإدارية الحي الحسني بمنطقة المنارة بمراكش، في خطوة اعتبرها كثيرون مجرد “تضحية بكبش فداء” لحماية من هم في مواقع المسؤولية العليا، وعلى رأسهم الوالي شوراق، الذي أصبح محل انتقادات واسعة بسبب فشله في إدارة الملفات الكبرى للمدينة.
وما حدث في واقعة عبد الإله مول الحوت ينطبق عليه تمامًا المثل القائل “طاحت الصومعة علقوا القايد”، ففي الوقت الذي كان على الوالي شوراق التحرك بسرعة لتطويق الأزمة وعدم الانجرار وراء لوبيات الفساد والاحتكار، تحرك في الاتجاه الخطأ بناءً على شكايات كيدية لإسكات ظاهرة عبد الإله، الذي نجح في إحراج السلطات وكشف زيف الادعاءات حول ارتفاع الأسعار، موضحًا أن الأزمة لا تعدو أن تكون مفتعلة نتيجة تواطؤ مكشوف بين لوبيات الاحتكار وسلطات لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم.
وعندما كبرت القضية وكادت أن تطيح بكل مسؤولي المدينة بسبب التضامن الكبير الذي عرفته قضية عبد الإله مول الحوت، لم يجد الوالي شوراق ومعه حواريوه من مخرج سوى التضحية بالقائد، باعتباره الحلقة الأضعف في هذه القضية، وتصويره على أنه المسؤول الوحيد عما حدث، رغم أن الجميع يعلم أن القرار قد اتُّخذ داخل مكتب شوراق نفسه.
إن هذه الاستراتيجية، القائمة على تحميل المسؤولية لصغار الموظفين بدل محاسبة صناع القرار الفعليين، لم تؤدِ في الماضي إلا إلى مزيد من التدهور، حيث فقدت مراكش بريقها وتراجع إشعاعها بشكل كبير. واليوم، يبدو أن الوالي الجديد يسير على نفس النهج، مما يعمق أزمة الثقة بين المواطنين والمسؤولين، ويجعل من حلم التغيير والإصلاح بعيد المنال.
فإلى متى ستظل السياسات الترقيعية هي الحل؟ ومتى ستتحقق مطالب ساكنة مراكش في وجود مسؤولين يعملون بجد وإخلاص لتحقيق التنمية الحقيقية للمدينة؟

تعليقات الزوار