المحكمة الدستورية تصادق على قانون الإضراب وسط تحفظات على بعض مواده

هبة زووم – الرباط
صادقت المحكمة الدستورية على القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بشروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، معتبرة أنه لا يتضمن أي مخالفة للدستور.
غير أن قرار المحكمة لم يخلُ من بعض التحفظات، حيث سجلت ملاحظات بخصوص ثلاث مواد رئيسية، هي المواد 1 و5 و12، مؤكدة ضرورة احترام الضوابط الدستورية عند إعداد النصوص التطبيقية لهذا القانون.
المادة الأولى: تذكير بالمبادئ وليس تشريعًا جديدًا
رأت المحكمة أن المادة الأولى، التي تستعرض المرجعيات الدولية والمبادئ الدستورية ذات الصلة بحق الإضراب، لا تندرج ضمن شروط وكيفيات ممارسته كما حددها الدستور، وبالتالي لا تعتبر نصًا ذا صبغة قانون تنظيمي.
لكنها في الوقت نفسه، اعتبرت أن هذه الإحالة لا تشكل مخالفة دستورية، ما دامت لا تضيف التزامات جديدة على ممارسة الحق الدستوري في الإضراب.
المادة 5: مشروعية الإضراب وحدود التدخل التنظيمي
أكدت المحكمة أن هذه المادة، التي تنص على اعتبار أي إضراب يتم خلافًا لأحكام القانون التنظيمي غير مشروع، لا تتعارض مع الدستور.
لكنها شددت على ضرورة أن تحترم النصوص التنظيمية التي ستُعتمد مستقبلاً، نطاق القانون التنظيمي، وألا تستحدث شروطًا إضافية لممارسة الإضراب من شأنها أن تقيد هذا الحق الدستوري.
المادة 12: موازنة بين حق الإضراب وحرية المقاولة
تتعلق المادة 12 بآليات الدعوة إلى الإضراب داخل المؤسسات الخاصة، خاصة في غياب تمثيلية نقابية، حيث تحدد شروط اتخاذ القرار، والنصاب القانوني للموافقة عليه، والعدد الأقصى لأعضاء لجنة الإضراب.
واعتبرت المحكمة أن هذه الترتيبات لا تمس جوهر حق الإضراب، بل تضمن مشاركة كافة الأجراء وتحفظ التوازن بين حق العمال في الدفاع عن مصالحهم وحرية المقاولة والمنافسة المشروعة.
أما فيما يخص تفويض تحديد كيفيات تطبيق هذه المادة إلى نص تنظيمي، فقد أكدت المحكمة ضرورة ألا يتجاوز هذا النص ما ورد في القانون التنظيمي نفسه، وألا يستحدث ترتيبات جديدة قد تؤثر على ممارسة الإضراب داخل المؤسسات الخاصة.
جدل واسع حول تداعيات المصادقة
في أعقاب هذا القرار، أثيرت العديد من التساؤلات حول كيفية تنزيل مقتضيات هذا القانون على أرض الواقع، خاصة في ظل مخاوف بعض النقابات من إمكانية توظيف النصوص التطبيقية لتضييق هامش ممارسة الإضراب.
ويرى مراقبون أن القانون، رغم المصادقة عليه، سيظل محط جدل إلى حين الكشف عن تفاصيل النصوص التنظيمية التي ستؤطر ممارسته الفعلية.
ومع هذه المصادقة، يقترب القانون التنظيمي للإضراب من دخوله حيز التنفيذ، في انتظار تفاعل الفاعلين النقابيين والحكومة مع ملاحظات المحكمة الدستورية، لضمان تطبيق سليم يراعي التوازن بين حماية حقوق الأجراء وضمان استمرارية العمل بالمؤسسات الاقتصادية والإدارية.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد