محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط تؤكد استقلالية القرار المحلي وتلغي تجريد مستشارين من عضويتهم

هبة زووم – محمد خطاري
في قرار قضائي وصف بالمفصلي، أسدلت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط الستار على جدل طال أمده حول “التخلي عن الانتماء السياسي” داخل المجالس المنتخبة، وذلك بعد أن ألغت، يوم 13 ماي 2025، أحكاماً ابتدائية كانت قد قضت بتجريد ثلاثة مستشارين جماعيين بجماعة الغديرة (إقليم الجديدة) من عضويتهم.
المستشارون المعنيون، المنتمون لحزب التجمع الوطني للأحرار، سبق أن صوّتوا لصالح قرار إداري بإقالة زميل لهم من الحزب نفسه، وهو ما اعتبره الحزب “تخلياً عن الانتماء السياسي”، ورفع دعاوى قضائية انتهت في المرحلة الابتدائية بسحب عضويتهم.
غير أن محكمة الاستئناف رأت غير ذلك، حيث شددت على أن التصويت الإداري يدخل في صميم مهام المنتخب المحلي ولا يمكن تحميله تفسيرات سياسية، مؤكدة أن القانون التنظيمي رقم 113.14 يضمن للمستشار الجماعي حرية القرار في تدبير الشأن المحلي.
المحكمة فسّرت مقتضيات المادة 20 من القانون التنظيمي بشكل ضيق، معتبرة أن التخلي المقصود هو ما يكون صريحاً وواضحاً، كإعلان الانتقال لحزب آخر أو الخروج العلني ضد خط الحزب، وليس مجرد مواقف داخل المجلس.
هذا القرار، يشكل خطوة هامة نحو ترسيخ استقلالية القرار المحلي وفصل العمل الإداري عن الانضباط السياسي الحزبي، ويُنتظر أن يُحدث تأثيراً كبيراً على تعاطي الأحزاب مع حالات مشابهة مستقبلاً.
ويُعتبر هذا الحكم سابقة قانونية مهمة، إذ سيرفع السيف الذي كانت الأحزاب السياسية ترفعه على مستشاريها، والملزمين أحياناً بالتصويت وفقاً لتوجيهات رؤسائهم، حتى وإن كانت بعض القرارات تتعارض مع قناعاتهم الشخصية أو تمس جوهر مبادئهم وأفكارهم.
هذا القرار يعزز من حرية التعبير والضمير داخل المجالس المنتخبة، ويوفر حماية قانونية للمستشارين كي يضعوا مصلحة الجماعة فوق الانتماءات الحزبية الضيقة، وهو ما يمهد الطريق نحو ديمقراطية محلية أكثر نضجاً واستقلالية.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد