محمد أمين وشن – الصويرة
تحولت شوارع مدينة الصويرة في الآونة الأخيرة إلى مسرح يومي لحوادث السير المرتبطة بالدراجات النارية، في ظاهرة مقلقة لا تنفك تتفاقم أمام أنظار الجميع دون أن تلوح في الأفق أي بوادر لمعالجة جذرية وحاسمة من طرف الجهات المعنية.
فمن شارع العقبة إلى محيط المؤسسات التعليمية، تكرّ سبحة الانفلات المروري يوميًا، بفعل ممارسات متهورة لشباب ومراهقين يقودون دراجاتهم النارية بسرعة مفرطة، وفي أغلب الأحيان من دون خوذات، وناقلين على متنها أكثر من شخصين.
وتحولت هذه المركبات إلى أدوات لاستعراضات مميتة وسط حركة السير، وكأن الأمر لا يتعلق بشوارع مدينة سياحية، بل بحلبة سباق بلا ضوابط.
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تجاوزات فردية معزولة، بل ظاهرة جماعية تتغذى من ثالوث قاتل: غياب التربية الطرقية، ضعف المراقبة، وهشاشة البنية التحتية.
فمن جهة، لا تبذل المؤسسات التعليمية والمجتمع المدني الجهود الكافية لترسيخ ثقافة السلامة الطرقية لدى الناشئة. ومن جهة أخرى، يبدو الحضور الأمني باهتًا، والمراقبة المرورية محدودة، ما شجع على تعاظم السلوكيات الطائشة في غياب الردع.
ولا تقل البنية التحتية نصيبًا في المأساة، إذ تفتقر العديد من المقاطع الطرقية إلى الإنارة العمومية، خاصة ليلاً، وتغيب عن الشوارع التشويرات الكافية لتنظيم حركة السير، فضلاً عن تهالك بعض الطرقات في أحياء المدينة، مما يضاعف خطر الحوادث ويجعل من مهمة الوقاية تحديًا حقيقيًا.
في خضم هذا الواقع المقلق، تتعالى أصوات المواطنين والمهتمين بالشأن المحلي مطالبة بتحرك فوري من الجهات الوصية، من خلال تشديد الرقابة الأمنية، وتفعيل العقوبات ضد المخالفين، وتنظيم حملات تحسيسية موجهة خصوصًا لفئة الشباب والمتمدرسين، مع تسريع وثيرة إصلاح البنية التحتية، وتعزيز الإنارة والتشوير الطرقي في النقاط السوداء.
إن تفشي ظاهرة الدراجات النارية غير الخاضعة لأي ضوابط قانونية بالصويرة لم يعد مجرد خلل عابر، بل أصبح مؤشرًا على فشل في التدبير الوقائي وتراخٍ في حماية الأرواح والممتلكات، وهو ما يفرض على السلطات المعنية تجاوز منطق التدخل المناسباتي، والانتقال نحو رؤية شمولية تدمج الردع، والتوعية، والبنية التحتية، للحيلولة دون تحول الشوارع إلى ساحات مفتوحة للموت المجاني.
لقد دقت الصويرة ناقوس الخطر، والكرة الآن في مرمى السلطات: إما التحرك العاجل والحازم، أو انتظار كارثة بشرية لا تحمد عقباها.

تعليقات الزوار