سطات: رحل أبو زيد وترك إبله تعيث فسادا في الإقليم والإرث الملغوم ينفجر في وجه العامل حبوها

هبة زووم – أحمد الفيلالي
حينما كتبنا في هبة زووم أن العامل محمد علي حبوها قد تسلم إقليما عليلا تنخره السوسة اتهمنا البعض بالتهويل وتكبير الموضوع، الواقع اليوم يثبت صحة ما نقول، حيث تفجرت أولى القنابل أمام العامل الجديد، والذي وجد نفسه في موقف لا يحسد عليها بعدما رأى بأم عينه تغول الرحل وكيف يتعنون بالعامل السابق.
فلم يكن تنصيب العامل الجديد حبوها على رأس إقليم سطات سوى لحظة عابرة من التفاؤل، سرعان ما اصطدمت بواقع مرٍّ ومزمن، خلفه سلفه إبراهيم أبو زيد، الذي غادر مقر العمالة وترك وراءه ملفات ملغومة، على رأسها أزمة الرعاة الرحل والرعي الجائر، والتي بدأت تتحول إلى قنبلة اجتماعية وأمنية تهدد استقرار الإقليم.
فما أن باشر حبوها مهامه، حتى وجد نفسه وجهاً لوجه مع تغوّل جماعات الرحل القادمين من الجنوب، والذين استوطنوا مناطق شاسعة من الشاوية، ضاربين عرض الحائط بالقوانين والسلطة المحلية، ومانحين لأنفسهم صفة “السلطة الموازية”، مدعومين – كما تشير شهادات محلية متطابقة – بعهد العامل السابق.
سبع سنوات، بحسب أصوات من المجتمع المدني، كانت كافية لتحويل أراضٍ فلاحية خصبة إلى مناطق نزاع، بعد أن استقالت الدولة فعلياً من مهامها في الضبط والتنظيم، ووجد الفلاح البسيط نفسه فريسة لغارات القطيع وهجمات الرحّل، دون حماية تُذكر، بل وحتى رئيس مركز للدرك الملكي نفسه لم يسلم من الاعتداء، في سابقة تعكس عمق الأزمة وخطورتها.
وتتساءل الساكنة: لماذا يمر هؤلاء الرحل عبر عدة أقاليم دون مشاكل، لكنهم لا يتوقفون إلا في سطات، حيث تبدأ الاعتداءات؟ هل هو مناخ طبيعي أم مناخ سياسي تمّت تهيئته بعناية في “إمارة أبو زيد”، كما يسميها الأهالي الغاضبون؟!
الأخطر من ذلك، هو أن بعض المسؤولين المحليين الذين كانوا بالأمس القريب من المحسوبين على دائرة العامل السابق، بدأوا اليوم يرفعون الصوت، وينقلون الأزمة إلى البرلمان، كما فعل النائب البرلماني عن التجمع الوطني للأحرار، محمد غيات، الذي وجه سؤالًا كتابيًا إلى وزير الفلاحة حول تفعيل القانون رقم 13.113 المتعلق بتنظيم الرعي والترحال.
السؤال البرلماني نبّه إلى تأخر الدولة في تنزيل المراسيم التطبيقية للقانون، وضعف المراقبة الميدانية، ما سمح باستمرار الفوضى واستفحال الظاهرة، خاصة في مناطق مثل الشاوية، حيث أصبح الرعي الجائر مصدر نزاعات دائمة وأضرار بيئية واجتماعية خطيرة.
وبينما يحاول العامل حبوها اليوم احتواء الإرث الثقيل لسلفه، فإن الوضع المتفاقم يُنذر بانفجار قادم إذا لم تتدخل الدولة بشكل صارم، عبر حملات مراقبة، وحماية للأراضي الزراعية، وتطبيق صارم للقانون، خاصة وأن الساكنة لم تعد تثق في الوعود، بعد سنوات من الصمت والتواطؤ.
إن ما يحدث اليوم في إقليم سطات، من اعتداءات ممنهجة، وعجز السلطات عن فرض هيبة القانون، يشكل اختباراً حقيقياً للدولة ولمدى جديتها في احترام كرامة المواطنين وحماية ممتلكاتهم، فـ”قانون الغاب” لم يعد مجرد تعبير مجازي، بل واقع تعيشه الشاوية على مرأى ومسمع من الجميع.
ولأن الرعي الجائر لم يعد فقط قضية بيئية، بل تحول إلى قضية كرامة وسيادة وترتيب مسؤوليات، فإن الأنظار كلها تتجه إلى عامل الإقليم، وإلى السلطة المركزية بالرباط، لإيقاف هذه المأساة التي تكشف وجهًا آخر من وجوه غياب العدالة المجالية والإدارية في المغرب العميق.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد