هبة زووم – أزيلال
في ظاهرة مقلقة، أصبح الفضاء الرقمي في بعض المناطق المغربية مسرحًا لاستغلال معاناة القاصرين باسم “العمل الإنساني”، حيث تم تحويل قصة تلميذ يعيش وضعًا أسريًا هشًا إلى مادة للعرض الرقمي والتفاعل الافتراضي.
آخر هذه الوقائع سجلت في إقليم أزيلال، حين نشر أحد الأشخاص تدوينة على موقع “فيسبوك” تتناول وضعية التلميذ، متضمنة تفاصيل دقيقة عن حياته الشخصية، ما جعل القاصر عرضة للتشهير النفسي والاجتماعي.
وعلى الرغم من عدم ذكر اسم الطفل، فإن حجم التعارف المجتمعي في المنطقة جعل تحديد هويته أمرًا يسيرًا، ما يعرضه للوصم والمضايقات.
ويؤكد خبراء نفسيون أن مثل هذه الممارسات لا تمثل تضامنًا حقيقيًا، بل استغلالًا لحالة الطفل الضعيفة لأغراض دعائية أو تلميع صورة الناشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يخلق أذى نفسي دائم على المدى الطويل. القاصر في مرحلة نموه يحتاج إلى احتضان صامت يحفظ كرامته، لا إلى منشورات تكشف ضعفًا لا ينبغي استغلاله.
من الناحية القانونية، يجرم القانون الجنائي المغربي نشر أو بث معلومات أو صور تتعلق بالحياة الخاصة دون موافقة صاحبها، مع تشديد العقوبات عند القاصرين، كما تؤكد اتفاقية حقوق الطفل على ضرورة حماية الأطفال من أي تدخل تعسفي في حياتهم الخاصة أو مساس بسمعتهم.
وقد طالب نشطاء وحقوقيون الجهات المختصة في أزيلال بفتح تحقيق عاجل للحد من آثار هذا التشهير، وحذف المحتوى المسيء، ومساءلة المسؤول عن نشره، معتبرين أن القانون يجب أن يكون أداة حماية للضعفاء وليس مجرد وسيلة ردع.
وتأتي هذه الواقعة كجرس إنذار حول مخاطر التعامل السطحي مع القصص الإنسانية في الفضاء الرقمي، مؤكدة أن احترام كرامة الأطفال يجب أن يسبق أي نشر أو مشاركة على المنصات الاجتماعية.
فالمطلوب اليوم وعي حقيقي ومسؤولية قانونية وأخلاقية في التعامل مع محتوى حساس، لضمان ألا تتحول مواقع التواصل إلى ساحة لاستغلال هشاشة الآخرين لتحقيق مجد زائف.
تعليقات الزوار