هبة زووم – محمد خطاري
طالما شكلت قصص الحيوان في حياة الشعوب، أمثلة للتشبيه والإسقاط على البشر، لكن واحدة من أدق الأوصاف التي أطلقت على الإنسان المتقلب في رأيه بخاصة في عالم السياسة أنه “حرباء”، فكثيرا ما يوصف المتلونون من رجال السياسة بأنهم تزينوا بزي الحرباء، حينما تقتضي مصالحهم الذاتية أن يسلخوا جلدهم ويلبسوا جلدا آخر لتمرير رغباتهم والحصول على مآربهم، فهم يرون أن لكل عصر لباسه، أما الموقف المبدئي الحازم والثابت فهو ضمير مستتر أو غائب ولك أن تقدره كما تشتهي، حيث يجوز الوجهان إذا تطلب الأمر اخفاءه أو إظهاره تبعا لمطامعهم ومتغيرات الأحوال.
هذا هو حال رجال السياسة بإقليم الرشيدية، حيث ما إن أعلن عن لائحة رجال السلطة، وتبين أن الوالي بوشعاب يحضيه قد غادر مكانه، حيث خرج علينا من كان بالأمس يسبح بحمده ليقول أن الرجل قد أساء للإقليم وهلما جرا من الكلام الذي يقال في كل مرة ومع ذهاب أي مسؤول من منصبه.
فحين تتحول الممارسة السياسية لدى هذه الفئة ممن أصبحوا يمتهنون السياسية على حين غفلة بالرشيدية إلى عبث فإن أي فعلٍ ينتج عنها سيكون عبثيا منسلخا عن أدبياتها وأخلاقاتها، خصوصا عندما يتحول رجل السياسة إلى حرباء يتلون من أجل مصلحته.
لقد أصبح العبث الذي يمارسه ممتهنو السياسة بالإقليم نهجا وثقافة، متقمصين دور الحرباء، التي تتلون بطيف كل الأجسام المحيطة بها، ما ينتج حالة من الفوضى العامة غير مسبوقة بعيدا عن العمل السياسي الرزين.
وفي هذا السياق، أصبح الرفاق داخل التحالف الثلاثي بالرشيدية تائهون وخائفون، وأصبح كل منهم يتحرك في اتجاه من أجل تقديم فروض الطاعة والولاء للساكن الجديد لولاية جهة درعة تافيلالت.
فصاحب “اللعبة” يسارع الخطى من أجل العودة إلى سيرته الأولى، بعد أن أبعده الوالي السابق وغلق الأبواب في وجهه، محاولا طرق أبواب الوالي الجديد عله يجد منفذا يدخل منه ويضع نفسه رهن الإشارة.
وفي الاتجاه الآخر، نجد القيادات الجديدة بحزب الاستقلال، خصوصا الصاعد بسرعة سيارات “داسيا”، تتحرك علها تجد لها مكان في المربع القريب من الوالي الجديد، لأنها ألفت أن نصيبها من كعكة المشاريع لا يمكن أن يكون بغير القرب من الجالس على كرسي الولاية.
وفي هذا السياق، دخل الفريقين في حرب غير معلنة لوضع الوالي زنيبر تحت وصايتهما، وذلك عن طريق إرسال رسالة واضحة بأن لا شيء يمكن أن يتحرك دون رضاهم وبأنهم ملوا الانتظار الذي فرض عليهم في فترة الوالي السابق، وأن لا انتخابات قادمة دون وضع أيديهم على صناديق الجماعات ومشاريعها.
وفي اتجاه آخر، نجد رجل الأحرار بالجهة تائه وحائر في انتظار أن تتضح معالم المرحلة الجديدة، وهو الذي نسي أنه منتخب وحول نفسه إلى موظف ينتظر دائما التعليمات والتوجيهات كي يتحرك في هذا الاتجاه أو ذاك، وهو ما سيحول ما تبقى من هذه الولاية الانتدابية إلى جحيم إن اختار الوافد الجديد الحياد ووضع مسافة من جميع الفاعلين السياسيين.
هؤلاء الساسة المتحورون، الذي حولوا السياسة إلى تجارة رابحة، يعرفون أن خسارتهم لمكانتهم في الخريطة الجديدة ستجعلهم يخسرون كثيرا، لأنهم اختاروا التربح من السياسة، وفي سبيلها مستعدون للعب بالبيضة والحجر.
اليوم، نقول للجميع أن ساكنة الرشيدية قد سئمت تلاعب الساسة التي أثرت على سمعة الإقليم، فالمواطنون ليسوا سذجا لتتلاعبوا بحقوقهم ومشاعرهم ومقدرات وطنهم، فحكموا عقولكم قبل فوات الأوان، فالساكنة تريد رجال سياسة يحكمون ما تبقى من ضميرهم ويحترمون أنفسهم، فهل ستعودون لرشدكم قبل فوات الأوان؟
تعليقات الزوار