الدحماني: التكامل بين القيم والقانون أساس شرعية الفعل العمومي وتعزيز الثقة في المؤسسات

هبة زووم – محمد دحماني
في جلسة عامة بمجلس المستشارين، تناول المستشار المصطفى الدحماني، عن فريق التجمع الوطني للأحرار، الكلمة لمناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنتي 2023 و2024، حيث سلط الضوء على الاختلالات التي تعوق الحكامة الجيدة.
هذا، ودعا الدحماني إلى تفعيل آليات المحاسبة لضمان التدبير الرشيد للمال العام وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات
التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات.. آلية محورية للرقابة والمحاسبة
أكد الدحماني أن التقارير التي يصدرها المجلس الأعلى للحسابات تشكل محطة أساسية لمراقبة أداء المؤسسات العمومية، مشدداً على أهمية التفاعل الجاد معها، ليس فقط عبر مناقشتها، بل من خلال اتخاذ إجراءات ملموسة لتجاوز الاختلالات التي ترصدها سنوياً.
وأشاد بالأداء المهني لقضاة المجلس والمجالس الجهوية للحسابات، الذين يبذلون جهوداً كبيرة في تقييم السياسات العمومية وتقديم توصيات تسهم في تحسين التدبير العمومي.
وشدد المستشار البرلماني على ضرورة مناقشة التقرير مباشرة بعد رفعه إلى الملك وقبل نشره للعموم، معتبراً أن ذلك سيتيح تفاعلاً أكثر جدية مع مضامينه وسيمكن المواطنين من الاطلاع على أوجه القصور في التدبير العمومي، مما يعزز الوعي العام بأهمية الحكامة الجيدة والمحاسبة الفعالة.
الجهوية المتقدمة.. مكاسب مهمة وإكراهات تحد من الفعالية
استعرض الدحماني واقع ورش الجهوية المتقدمة، حيث أقر بأن هناك تحولات إيجابية على مستوى التخطيط الترابي وتطوير البنيات التحتية، إلا أن مساهمة الجهات والجماعات الترابية في التنمية الاقتصادية ما تزال دون المستوى المطلوب بسبب ضعف التحصيل الضريبي، وهشاشة الموارد المالية الذاتية، وقصور الجبايات المحلية عن تلبية حاجيات الإنفاق التنموي.
وأشار إلى أن الرفع من حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة في قانون المالية 2025 يشكل خطوة إيجابية، لكنها غير كافية لمواجهة تحديات التمويل، ما يستدعي إصلاحاً عميقاً للجبايات المحلية وإرساء آليات جديدة لتحفيز الاستثمار الجهوي.
كما لفت إلى ضعف جاذبية الوظيفة العمومية الجماعية، وهو ما يستدعي اتخاذ تدابير لتحسين كفاءة الموارد البشرية بالجماعات الترابية
تعميم الحماية الاجتماعية.. إصلاح استراتيجي بتحديات كبيرة
اعتبر الدحماني أن مشروع تعميم الحماية الاجتماعية يشكل تحولاً جوهرياً في بناء الدولة الاجتماعية، مشيداً بالجهود الحكومية في تعميم التأمين الإجباري عن المرض رغم الصعوبات الاقتصادية.
وأكد أن نسبة المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بلغت 56% فقط حتى شتنبر 2024، في حين لم تتجاوز نسبة استخلاص الاشتراكات 37%، وهو ما يطرح تحديات كبيرة أمام استدامة المنظومة
وأوضح أن بعض الأفراد يحاولون التحايل على معايير الاستحقاق، من خلال الخروج من التعاونيات أو الامتناع عن مزاولة أنشطة مدرة للدخل قصد الاستفادة من الدعم المباشر، مما يستوجب تعزيز آليات الرقابة وتطوير معايير أكثر دقة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها الفعليين.
الاستراتيجية الطاقية.. الحاجة إلى سيادة وطنية في قطاع الطاقة
ناقش الدحماني موضوع الأمن الطاقي، مشيراً إلى أن المغرب استطاع الحفاظ على تزويد مستقر بالطاقة رغم الأزمات العالمية، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق الاستقلال الطاقي عبر تطوير الطاقات المتجددة وتعزيز التنقيب عن البترول والغاز.
وأكد أن الحكومة اتخذت خطوات مهمة في هذا الاتجاه، إلا أن تحقيق السيادة الطاقية يقتضي استثمارات أكبر في البنية التحتية ومشاريع التخزين الطاقي.
الغرف المهنية.. ضعف في الأداء وغياب الفعالية
فيما يتعلق بالغرف المهنية، انتقد الدحماني ضعف أدائها في مواكبة التحولات الاقتصادية، رغم الأدوار التي يخولها لها الدستور، معتبراً أن هذه المؤسسات بحاجة إلى إصلاحات جوهرية تعزز من فعاليتها وتمنحها صلاحيات مالية وإدارية أوسع لكي تتمكن من لعب دور حقيقي في دعم الاقتصاد الوطني.
ضرورة الانتقال من التشخيص إلى المحاسبة الفعلية
أكد الدحماني في ختام مداخلته أن تقارير المجلس الأعلى للحسابات لا ينبغي أن تظل مجرد وثائق ترصد الاختلالات، بل يجب أن تتحول إلى قاعدة للمحاسبة الفعلية عبر اتخاذ إجراءات زجرية ضد أي مسؤول يثبت تورطه في سوء التدبير أو تبديد المال العام، داعياً مختلف الفاعلين السياسيين والمؤسسات العمومية إلى التعامل الجدي مع هذه التقارير لضمان حكامة رشيدة وتنمية مستدامة.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد