ع.م – متابعة
رغم الوعود التي أطلقتها الحكومة بشأن تحقيق الاكتفاء الذاتي من التمور، لا تزال سلسلة نخيل التمر تعاني من أزمات متفاقمة، جعلت البلاد تعتمد بشكل متزايد على الاستيراد، خاصة مع اقتراب شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعا ملحوظا في الطلب على هذه المادة الأساسية.
رئيس الحكومة عزيز أخنوش، كان قد أعلن قبل بضع سنوات حين كان وزيرا للفلاحة آنذاك، أن المغرب سيحقق اكتفاءه الذاتي من التمور خلال سبع سنوات بفضل برنامج غرس ثلاث ملايين نخلة. لكن بعد مرور هذه المدة، تكشف الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية والمهنية أن الواقع بعيد كل البعد عن هذه التصريحات المتفائلة.
فقد تراجع الإنتاج الوطني للتمور من 143 ألف طن في الموسم الفلاحي 2019-2022 الى 103 ألف طن في 2024-2025 أي بتراجع فاق 40 ألف طن. بل أن بعض المهنيين يشككون في صحة هذه الأرقام، ويؤكدون أن الانتاج الفعلي لا يتجاوز 80 ألف طن.
هذا التراجع الحاد في الإنتاج الوطني لم يترك للحكومة خيارا سوى اللجوء إلى الأسواق الخارجية لتلبية الطلب المتزايد، وهو ما جعل المغرب يحتل المرتبة الثانية عالميا في استيراد التمور بعد الهند، حيث استورد خلال الفترة الممتدة بين أكتوبر 2023 ومارس 2024 حوالي 130 ألف طن، وهو رقم مرشح للارتفاع مع دخول السوق في ذروة الاستيراد قبيل شهر رمضان.
وفي الوقت الذي كان ينتظر من الحكومة اتخاذ إجراءات عاجلة للنهوض بهذا القطاع، أقدمت وزارة الفلاحة على إلغاء الاستراتيجية الوطنية لتنمية مناطق الواحات والأركان 2030 وهو ما أثار استغراب المتابعين، خاصة أن هذه الاستراتيجية كانت تهدف إلى تطوير إنتاج التمور وتحقيق الاستدامة في المناطق الواحية.
كما أن الميزانية الضخمة التي رصدت للعقد البرنامج 2021-2030 والتي بلغت 7.47مليار درهم لم تنجح في وقف تدهور القطاع، رغم ما تضمنه البرنامج من وعود بغرس 5 ملايين نخلة، وتحسين معدلات التلفيف والتحويل، وعصرنة قنوات التوزيع والتسويق. وبالمقابل، نجد أن الأسواق المغربية تغرق بالتمور المستوردة، في ظل غياب أي حماية حقيقية للالنتاج المحلي.
ويتجلى هذا الإغراق بوضوح في سوق “درب ميلا” بالدار البيضاء، حيث تتدفق شحنات التمور الجزائرية والتونسية والمصرية بشكل غير مسبوق، حتى أن بعض الشحنات تصل إلى المغرب عبر الموانئ الفرنسية والإسبانية. هذا الوضع تسبب في ارتفاع أسعار التمور المستوردة بنسبة تتراوح بين 30% و 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع توقعات بزيادة تصل إلى 80% مع اقتراب شهر رمضان نتيجة للارتفاعات في الأسعار في دول أخرى.
ورغم أن هناك دعوات متزايدة لمقاطعة التمور الجزائرية بسبب المخاوف المتعلقة بجودتها، لا تزال هذه التمور تجد طريقها إلى الأسواق المغربية بطرق مختلفة، من بينها التهريب عبر مالي وموريتانيا وصولا إلى المغرب عبر معبر الݣرݣرات.
وقد قامت السلطات المغربية مؤخرا بحجز وإتلاف كميات كبيرة من التمور الجزائرية المغشوشة، وهو ما يطرح تساؤلات حول نجاعة الرقابة المفروضة على استيراد هده المنتجات.
أمام هذا الوضع، يتساءل الفاعلون في القطاع عن مصير الدعم الحكومي المخصص لتنمية سلسلة التمور، ولماذا لم ينعكس هذا الدعم إيجابيا على الإنتاج المحلي؟
كما يطالبون بتدخل حكومي عاجل لوضع حد للفوضى التي يشهدها القطاع، سواء من حيث الاستيراد العشوائي أو المضاربة التي تضر بالفلاحين المغاربة.

تعليقات الزوار