علي لطفي يرد على دعاوى الحصانة: الفساد لا مكان له في العمل السياسي

هبة زووم – أبو العلا العطاوي
أثار تصريح عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي، خلال مشاركته في لجنة العدل والتشريع بالبرلمان، جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والحقوقية، خاصة بعد كشفه عن نيته منح “الامتياز القضائي” لرؤساء الجماعات الترابية.
هذا الاقتراح، الذي جاء في سياق حديثه عن ضرورة “إعادة الهيبة للعمل السياسي”، لاقى اعتراضًا من العديد من الأطراف، من بينهم علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، الذي استنكر في ردٍّ حادٍّ ما وصفه بـ “محاولات تبليد المغاربة”.
التويزي وإعلان “الامتياز القضائي”
التصريحات التي أطلقها عبد اللطيف وهبي لم تكن الأولى التي تثير الجدل، حيث سبق وأن جاءت على خلفية تصريح أدلى به، مؤخراً، النائب البرلماني ورئيس فريق الأصالة والمعاصرة، محمد التويزي.
التويزي، وفي حديث له، رد على الانتقادات التي طالت رؤساء الجماعات الترابية، حيث أكد أن “36 ألف رئيس جماعة في فرنسا لم تطأ قدماه المحكمة”، منتقدًا بشكل غير مباشر وضع رؤساء الجماعات في المغرب الذين يعانون من اتهامات متكررة تتعلق بالفساد وسوء التسيير. وأضاف التويزي أنه يجب على هذه الفئة أن تُحترم وتُعطى مكانتها في الحياة السياسية، متسائلًا: “هل رئيس الجماعة تقني؟”، في إشارة إلى تحميلهم مسؤوليات كبيرة في المجالس المحلية، رغم أنهم في بعض الأحيان يُتهمون في قضايا فساد.
وقد اعتبر البعض تصريحات التويزي بمثابة دعوة لتمتع رؤساء الجماعات بالحصانة القضائية، وهو ما وُصِف في أوساط سياسية أخرى بأنه تشجيع للفساد داخل هذه المؤسسات.
رد علي لطفي: كشف الفساد في الداخل والخارج
وفي تعليق له على هذه التصريحات، استنكر علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، ما وصفه بمحاولات “تبليد المغاربة” وطمس الحقيقة عن الفساد المستشري في بعض الجماعات.
وقال لطفي إن الفساد في المغرب لم يعد مجرد حديث إعلامي، بل أصبح ظاهرة تشمل مختلف المؤسسات الحكومية، مؤكدًا أن نهب المال العام في بعض الجماعات الترابية قد تجاوز الحدود وأصبح يشكل تهديدًا للاستقرار السياسي والاقتصادي.
وفي رده على التصريحات المثيرة للجدل من عبد اللطيف وهبي، الذي أكد ضرورة “إعادة الهيبة للعمل السياسي” من خلال منح الامتيازات القضائية لرؤساء الجماعات، أكد لطفي أن الحصانة لا تعني السماح للمفسدين بالتهرب من العدالة.
وأضاف أن الفساد ليس حكرًا على المغرب فقط، بل هو قضية عالمية يمكن العثور على أمثلتها في كل مكان، ومنها فرنسا، حيث استشهد لطفي بمثال رئيس بلدية ليفالوا بيريه الفرنسي، باتريك بالكاني، الذي تم محاكمته بتهم اختلاس أموال عامة، ما يوضح أن الفساد ليس مقصورًا على الدول النامية.
وقال لطفي: “إذا كان لدينا مثال عن فاسد في فرنسا، فما بالك بالمغرب؟”، في إشارة إلى فضائح الفساد التي تكشفها الصحافة الوطنية والجمعيات المهتمة بحماية المال العام.
وأكد أن مثل هذه التصريحات قد تفتح الباب على مصراعيه أمام المفسدين لممارسة فسادهم بحرية، معتبراً أن الإصلاحات الحقيقية تبدأ بمحاسبة الجميع على قدم المساواة أمام القانون.
التقارير الرسمية والفساد المستشري
لطفي أشار في رده إلى أن الفساد في المغرب لم يعد مجرد قضية صحفية، بل أصبح موضوع تقارير من مؤسسات حكومية مثل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، التي تشير إلى أن الفساد يلتهم جزءًا كبيرًا من الاقتصاد الوطني، حيث يتم نهب أكثر من 6% من الدخل الوطني سنويًا بسبب الفساد.
واستعرض لطفي في مداخلته أهمية دور الصحافة والجمعيات الحقوقية في الكشف عن الفساد وملاحقة المفسدين، مشيرًا إلى أن منح الحصانات لا يمكن أن يساهم في الحد من هذه الظاهرة، بل على العكس قد يزيدها تفشيًا.
بين الإصلاحات والمحاسبة
وفي الختام، أكد علي لطفي على ضرورة أن تكون المؤسسات العمومية خاضعة للمراقبة والمحاسبة، وأن لا تكون هناك أي استثناءات.
واعتبر أن أي محاولة لمنح حصانة قانونية لرؤساء الجماعات ستزيد الوضع سوءًا، معتبرًا أن مسؤولية محاربة الفساد تقع على عاتق الجميع، وأن تعزيز الشفافية والمساواة أمام القانون يجب أن يكون أولوية في هذا الصدد.
بذلك، تظل تساؤلات كثيرة تطرح حول كيفية التعاطي مع الفساد في المغرب، وفيما إذا كان يمكن لتحقيق الإصلاحات الحقيقية من دون ضمان محاسبة الجميع دون استثناء.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد