قفف “جود” تُربك الأحرار وبنعبد الله يزيد من سخونة المشهد بسخريته من “الذكاء القفي” للحزب

هبة زووم – محمد خطاري
في خطوة لافتة، لم يفوت نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية (PPS)، الفرصة للتعليق على الجدل المتصاعد حول قضية الشاحنة الجماعية ومساعدات مؤسسة “جود”، المرتبطة بحزب التجمع الوطني للأحرار ووزيره مصطفى بايتاس.
وخلال جلسة نظمها حزبه لمناقشة سبل تعزيز الذكاء الاصطناعي في المغرب، فاجأ الحاضرين بتعليق ساخر يحمل رسائل سياسية واضحة، قائلاً: “بينما نحن نناقش الذكاء الاصطناعي، هناك من يناقش الذكاء القفي” .
تصريحات بنعبد الله، التي جاءت في سياق الحديث عن تحديث الاقتصاد الوطني وتطوير بنياته، كانت إشارة مباشرة إلى الأساليب التقليدية التي لا تزال بعض الأطراف السياسية تعتمدها لكسب ولاءات الناخبين، عبر توزيع المساعدات العينية (القفف) بدل الاستثمار في حلول تنموية مستدامة.
وأضاف بنعبد الله بلغة ساخرة: “كيف يمكن لحزب يقود الحكومة أن يرفع شعار التقدم والتحديث، بينما يستمر في ممارسة سياسات قائمة على توزيع القفف؟”.
هذه التصريحات ليست فقط نقدًا لحزب التجمع الوطني للأحرار، بل تعكس أيضًا انتقادًا أوسع لأساليب العمل السياسي التي تعتمد على استغلال العمل الخيري لتحقيق مكاسب انتخابية، وهي أساليب تُعتبر تقليدية وغير قادرة على تقديم حلول حقيقية للتحديات التنموية التي تواجه البلاد.
أزمة داخل “الأحرار”.
تصريحات بنعبد الله تأتي في وقت يواجه فيه حزب التجمع الوطني للأحرار ضغوطًا متزايدة بسبب هذه القضية، فالتسريبات تشير إلى أن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أعرب عن استيائه من الطريقة التي تم بها إدارة ملف المساعدات، معتبرًا أن هذا “الخطأ الساذج” في توقيت حساس قد يمنح الخصوم السياسيين ذخيرة مجانية لمهاجمة الحزب واتهامه باستغلال العمل الخيري لأغراض انتخابية.
المعطيات التي خرجت إلى العلن كشفت أن قيادات بارزة داخل الحزب عبرت عن امتعاضها من هذه الورطة، معتبرة أن القضية تجاوزت مجرد سوء تدبير وأصبحت ضربة لصورة الحزب الذي يحاول الترويج لنفسه كفاعل سياسي قادر على تحقيق التنمية.
ووفقًا لمصادر مطلعة، وجه أخنوش “توبيخًا حادًا” لوزيره مصطفى بايتاس، مشددًا على ضرورة التزام الصمت في هذه المرحلة لتفادي مفاقمة الجدل، خاصة مع تصاعد الانتقادات التي وصلت إلى البرلمان وأصبحت قضية رأي عام.
تصريحات بنعبد الله، وإن جاءت في قالب ساخر، تعكس النقاش السياسي المحتدم حول العلاقة بين السياسة والعمل الخيري. فالقضية تطرح تساؤلات حول ما إذا كان بعض الفاعلين السياسيين يستخدمون الجمعيات الخيرية كوسيلة لتحقيق مكاسب انتخابية، وهو نقاش مرشح لمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة. فالقضية لم تعد مجرد اتهامات داخلية داخل الحزب الحاكم، بل أصبحت موضوعًا يثير اهتمام المعارضة والأغلبية على حد سواء.
ومع تزايد الانتقادات، يتوقع أن تشهد الساحة السياسية المزيد من التصعيد، خاصة مع دخول المعارضة على الخط. تصريحات بنعبد الله قد تكون بداية لسلسلة من الردود والانتقادات التي تستهدف حزب التجمع الوطني للأحرار، ما قد يؤدي إلى تعميق الانقسامات داخل الأغلبية الحكومية.
كما أن القضية قد تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول ضرورة وضع ضوابط صارمة تنظم العلاقة بين العمل السياسي والجمعوي، لضمان عدم استغلال العمل الخيري لأغراض انتخابية.
تعليق نبيل بنعبد الله حول “الذكاء القفي” ليس مجرد سخرية، بل هو انعكاس للتوترات السياسية المتصاعدة داخل الأغلبية الحكومية ومعارضتها.
وبينما يحاول حزب التجمع الوطني للأحرار احتواء الأزمة، يبدو أن هذه القضية ستظل محط اهتمام الرأي العام والفاعلين السياسيين، خاصة مع تزايد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن هذا “الخطأ الساذج”.
فهل ستكون هذه الحادثة درساً لبعض الأحزاب لتغيير أساليبها التقليدية، أم أنها ستستمر في نفس النهج الذي يعتمد على توزيع “القفف” بدل تقديم حلول حقيقية للمواطنين؟

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد