حملة تحرير أرصفة تطوان بين ترحيب الساكنة وعودة الفوضى: مسرحية موسمية تكشف غياب إرادة حقيقية

هبة زووم – حسن لعشير
في مشهد طالما انتظرته ساكنة تطوان، شهد شارع محمد الخامس، أحد أبرز شرايين المدينة، يوم الأربعاء 4 فبراير 2025، حملة موسعة لتحرير الأرصفة من الباعة المتجولين والعشوائية التي خنقت الفضاء العمومي لسنوات.
قاد هذه الحملة باشا المدينة تحت إشراف السلطات الإقليمية، في محاولة لإعادة النظام إلى فضاءات ظلت لفترة طويلة رهينة الفوضى والاحتلال غير القانوني.
انطلقت الحملة من محطة سيارات الأجرة بالحي المدرسي، حيث تمت إزالة الطاولات والمظلات التي كانت تعرقل حركة المارة، في خطوة لقيت استحسانًا واسعًا من المواطنين الذين عبروا عن أملهم في استعادة صورة تطوان التي عرفوها ذات يوم كمدينة نظيفة ومرتبة.
لكن سرعان ما تبخر هذا الأمل، حيث عاد الباعة المتجولون بعد أسابيع قليلة، وبقوة أكبر، فور حلول شهر رمضان، لتُسدل الستارة على ما وصفه كثيرون بـ”المسرحية الموسمية”، والتي لا تُسفر سوى عن مؤقت من التنظيم يعقبه عودة سريعة للفوضى، ما يكشف غياب رؤية مستدامة لدى السلطات المحلية في تدبير هذا الملف الشائك.
وجاءت هذه الحملة في خضم تغييرات إدارية عرفتها المدينة، بعد انتقال قائد الملحقة الإدارية للحي المدرسي إلى مدينة جرادة، وتعيين باشا تطوان السابق في تازة.
تغيرات فتحت الباب أمام مساءلة أداء المسؤولين السابقين، خصوصًا في ملفات مثل احتلال الملك العمومي، والفوضى المرورية، واستغلال الأرصفة بشكل غير قانوني من طرف أصحاب المحلات التجارية والباعة الجائلين.
في اتصال مع “هبة زووم”، عبّر عدد من السائقين المهنيين بمحطة شارع محمد الخامس عن تذمرهم من الوضع القائم، مشيرين إلى ما يتعرضون له يوميًا من مضايقات ومشاكل، في ظل غياب تدخل فعّال من الجهات المعنية.
ولم تسلم الحملة من الانتقادات، إذ اعتبر متابعون للشأن المحلي أن ما جرى لا يرقى إلى مستوى معالجة جذرية للمشكل، بل يدخل ضمن “ردود أفعال موسمية” لا تعكس إرادة سياسية حقيقية لتأهيل الفضاء العمومي.
كما حمّل المواطنون باشا تطوان مسؤولية مباشرة عن استمرار الفوضى، مطالبين بتدخل أقوى وأكثر استمرارية، بعيدا عن المقاربات الظرفية.
وتساءلت أصوات كثيرة عن مدى جدية السلطات في تحرير الشوارع وإعادة هيبة القانون، معتبرين أن استمرار هذه الظواهر يقوّض أي حديث عن تطوان كمدينة سياحية، خاصة في ظل غياب أرصفة صالحة للراجلين، وتفشي الأسواق غير المهيكلة، وانتشار العشوائية في عدة أحياء حيوية.
في ظل هذا الواقع، يؤكد متتبعون أن تطوان اليوم بحاجة إلى ما هو أبعد من الحملات الظرفية، فهي تحتاج إلى مقاربة مندمجة، وتنسيق دائم، وإرادة حقيقية بين كل المتدخلين، لإعادة الاعتبار للمدينة وساكنتها، وإيقاف التدهور الذي بات يهدد طابعها الحضري وتوازنها الاجتماعي والاقتصادي.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد