شبهة تبديد 12 مليار بالمحطة الطرقية بمراكش تقود إلى القضاء ومطالب بالتحقيق في “إثراء غير مشروع” واستغلال النفوذ

هبة زووم – مراكش
أعاد المكتب الجهوي مراكش الجنوب للجمعية المغربية لحماية المال العام، إلى الواجهة، واحداً من أكثر الملفات إثارة للجدل في مدينة مراكش، والمتعلق بإنشاء المحطة الطرقية الجديدة بمنطقة العزوزية، حيث وجّه شكاية إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، طالب فيها بفتح تحقيق قضائي في ما وصفه بـ”تبديد أموال عمومية، وتلقي فائدة في عقد، والإثراء غير المشروع، واستغلال النفوذ”.
وتتعلق الشكاية بمشروع كلف خزينة الدولة 12 مليار سنتيم، انتهت به الأشغال منذ أكثر من سنتين دون أن يرى النور، وسط مؤشرات تدل – وفقًا للجمعية – على عيوب تقنية وملاحظات مهنية تثير الشكوك حول صلاحية المحطة للاستغلال، وهو ما اعتبرته الجمعية “تبديدًا صريحًا للمال العام من الناحية الجنائية”.
وأبرزت الجمعية أن المشروع تمت المصادقة عليه خلال الولاية الجماعية الممتدة من 2009 إلى 2015، دون استشارة مهنيي النقل الذين يملكون نسبة 60% من أسهم الشركة المسيرة لمحطة باب دكالة، مشيرة إلى أن هذا التجاوز يشكل خرقًا للقانون الأساسي للشركة، وتجاهلًا لحقوق المساهمين الرئيسيين فيها.
ولم تقف الشكاية عند هذا الحد، بل تطرقت إلى تفاصيل مرتبطة بكراء قطعة أرضية تابعة لأملاك الدولة بمساحة 6 هكتارات لإنشاء المحطة، مقابل سومة كرائية سنوية لا تتجاوز 127.200 درهم، مع شرط انتقال ملكية البنايات إلى الدولة بدون تعويض عند انتهاء مدة العقد، في غياب ما يثبت موافقة الأطراف المعنية على هذه الشروط.
وما زاد من تعقيد الملف، هو ما وصفته الجمعية بـ”ظروف غامضة” رافقت كراء مساحة 7500 متر مربع من الأرض المخصصة في الأصل لمحطة سيارات الأجرة، لفائدة شركة “AYA KECH GEST”، لإنشاء محطة للوقود وفندق، بعد أن حصلت على موافقة لجنة الاستثمار في فبراير 2017.
وتساءلت الجمعية عن قانونية توقيع عقد الكراء من طرف مسير الشركة بتاريخ 28 مارس 2018، رغم أنه كان قد تخلّى عن حصصه داخل الشركة وانتهت صفته التمثيلية فيها منذ مارس 2017، معتبرة ذلك خرقاً للقانون وتلاعباً في التوثيق يثير شبهات قوية حول خلفيات هذا التوقيع.
ومن بين النقاط المثيرة التي أثارها المكتب الجهوي، التعديلات الواسعة التي طالت التصاميم الأصلية للمشروع، والتي أضافت أكثر من 60 ألف متر مربع، مع تغيير موقع محطة سيارات الأجرة الصغيرة إلى موقع جديد بمحاذاة مشروع الشركة المستفيدة، في ما وصفته الجمعية بـ”التوجيه المصلحي للتصميم” لخدمة أجندات خفية.
وذهبت الجمعية أبعد من ذلك، حينما ربطت بين تأسيس الشركة المستفيدة وبين “علاقات وطيدة” تربط مؤسسيها ببعض المنتخبين والمسؤولين الجماعيين، مشيرة إلى أن الشركة حظيت بـ”موافقة استثنائية” لاستغلال عقار عمومي فور إنشائها، مما يطرح تساؤلات حارقة حول وجود تضارب محتمل في المصالح.
وتكتسي هذه المعطيات، بحسب الجمعية، أهمية خاصة كون المشروع تم تقديمه أمام الملك محمد السادس ضمن برنامج “الحاضرة المتجددة”، الذي رُصدت له ميزانية ضخمة تبلغ 89 مليون درهم، وهو ما يفرض – وفقًا للجمعية – ضرورة تدقيق كل العمليات التي عرفها هذا المشروع، بدءًا من التخطيط إلى التوقيع والتنفيذ.
وطالب المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام في ختام شكايته، الوكيل العام للملك بإصدار تعليماته إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، للاستماع إلى كافة الأطراف المعنية بالملف، بمن فيهم المسؤولون الجماعيون خلال فترتي 2009-2015 و2015-2021، وكذا أعضاء لجنة الاستثمار ومسيرو الشركة المستفيدة، بهدف كشف الحقائق، وترتيب الجزاءات القانونية ضد كل من ثبت تورطه.

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق المزيد