هبة زووم – الرباط
في خطوة تصعيدية تحمل الكثير من الدلالات، أطلق المكتب المحلي للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط، التابع للجامعة الوطنية للصحة، صفّارة الإنذار بشأن ما وصفه بـ”الاختلالات المزمنة” التي تنخر مفاصل المؤسسة الصحية الأهم بالعاصمة، محمّلًا الإدارة المركزية والجهات الوصية مسؤولية التدهور الحاصل في الخدمات الصحية وتدبير الموارد.
المكتب النقابي، وفي بلاغ ناري، لم يكتفِ بالتنديد، بل طالب بإيفاد لجنة تحقيق مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لتقصي الحقائق، داعيًا في الوقت ذاته المجلس الأعلى للحسابات إلى فتح ملفات الصفقات العمومية السابقة، وتتبع مآلاتها، في ظل ما وصفه بـ”الغموض الممنهج” الذي يلف التدبير المالي والإداري للمؤسسة.
وفيما يشبه المحاسبة العلنية، دعا المكتب إلى إخضاع عملية إعادة انتشار العاملين بمستشفى ابن سينا نحو باقي مستشفيات المركز لتدقيق شامل، مشيرًا إلى وجود “تجاوزات خطيرة” تشوب العملية، وغياب تصور واضح لتدبير الموارد البشرية، ما انعكس سلبًا على السير العادي للأقسام والخدمات الطبية.
ولم يقف البلاغ عند هذا الحد، بل فتح النار على ما أسماه “التدبير المفوض والصفقات الغامضة”، متسائلًا عن مدى احترام الشركات المتعاقدة لدفاتر التحملات، وعن جدوى الأشغال والتموينات المنجزة في ظل تدهور مستمر للخدمات، ونقص حاد في التجهيزات الطبية والمعدات الأساسية والأدوية والكواشف.
البلاغ النقابي نقل صورة قاتمة عن الوضع الداخلي للمستشفى، بدءًا من أقسام المستعجلات التي تعرف اكتظاظًا مهولًا ونقصًا في الطاقم والتجهيزات، مرورًا بمواعيد التشخيص التي تمتد لعدة أشهر، وصولًا إلى العمليات الجراحية التي يتم تأجيلها بسبب ضعف الطاقة الاستيعابية.
كل ذلك، في وقت تعاني فيه الأجهزة الطبية من أعطاب متكررة، وتجري فيه بعض الفحوصات الحيوية بشكل يدوي أو خارج المؤسسة، وهو ما اعتبرته النقابة “ضربًا صارخًا لحق المواطنين في التطبيب والعلاج، وتبديدًا للجهود الوطنية في إصلاح المنظومة الصحية”.
رسالة المكتب المحلي لابن سينا تتجاوز حدود المؤسسة الصحية نفسها، لتلقي بظلالها على الواقع العام للمنظومة الصحية العمومية، في ظل طموحات إصلاحية كبرى تعهدت بها الحكومة، لكنها تصطدم – وفق المصدر النقابي – بواقع التدبير المرتبك، وغياب الرؤية التشاركية، واللامحاسبة في ملفات حيوية ترتبط بصحة المواطن.
ومع تفاقم المؤشرات السلبية، وتراكم الأعطاب البنيوية، يظل المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بحاجة ماسة إلى عملية إنعاش مؤسساتية، تُعيد الاعتبار لدوره المحوري في رعاية الصحة العمومية، وتقطع مع منطق “الترقيع” الذي طالما أرهق الأطر الطبية والتمريضية وأساء لكرامة المرضى.

تعليقات الزوار